رفاه الدروبي
يعود تاريخ المدرسة الجقمقية إلى العصر المملوكي، وتتميَّز بطراز معماري فريد، وزخارف غنيَّة. وتعتبر إحدى أهمّ المدارس العلمية ومن المعالم التاريخية في مدينة دمشق القديمة. وتقع مواجهة للمدخل الشمالي للجامع الأموي، في حي الكلَّاسة. بناها “سيف الدين جقمق الأرغنشاوي”، وخصَّصها مدفناً لوالدته، ثمَّ دُفن بجوارها بعد وفاته، لكنَّها تحوَّلت فيما بعد إلى متحف للخط العربي سنة 1974 يضمُّ مخطوطات قرآنية قديمة وشواهد قبوروكتابات على المعدن والزجاج والفخار، مع مجموعة من الأقلام والمحابر.
بُنيت المدرسة على رقعة مربَّعة، تحتوي على صحن صغير يعلوه سقف وتتوسطها بركة مثمّنة، كما تضمُّ أربعة أواوين مختلفة الأطوال غير متقابلة أو متناظرة بسبب ضيق المساحة والحاجة عند بنائها لإيجاد مكان يصلح للتدريس والصلاة في آن واحد، ومرّت المدرسة بمراحل مختلفة، ولكن احترق البناء وتحوَّل إلى أنقاض خلال الغزو المغولي لدمشق، ثم أعاد الأمير جقمق بناءه وقام بتوسيعه. ولم يطرأ عليه أي تعديلات جوهرية منذ التاريخ ذاته، باستثناء فتح باب جديد وإحداث درج وسد بعض النوافذ.
تضمُّ قاعة المدرسة العديد من العناصر الجمالية، فجدرانها الداخلية مؤزّرة حتى منتصفها بالرخام الملون والزخارف المتنوعة، يتخللها المحراب وخزانات الكتب والنوافذ العالية المفتوحة التي تسمح بدخول الضوء. وتتميَّز بمحراب جمع كلَّ أنواع الزخارف للمحاريب مع قسمٍ مكسوٍّ بألواح من الرخام، وآخر فيه فسيفساء هندسية مطعَّمة بالصدف، ويحيط بالمحراب من الأعلى شريط من الآيات القرآنية وأجمل زواياها مقرنصات تتوزَّع بين الشكلين الدائري والمربع وبنيت واجهاتها على طريقة العمارة الأبلقية.
أصبحت المدرسة الجقمقية في أواخر القرن 19 أول مدرسة على الطريقة الحديثة، وأطلق عليها “المدرسة الجقمقية العلمية”، بقسمين ابتدائي وثانوي، تخرَّج منها عدد من الشخصيات الدمشقية البارزة.
السابق