الثورة – دمشق – وفاء فرج:
تطالعنا الجهات المعنية في كل فترة بزيادة الضرائب والرسوم على جميع الشرائح بهدف سد العجز في الخزينة، في ظل ظروف صعبة على الجميع، وزيادة في حالة التضخم الحاصلة والتي أرخت بذيولها وآثارها السلبية على الجميع، وبالتالي السؤال: هل هذه السياسة لوحدها قادرة على سد العجز، أم بات لزاماً البحث في حلول أكثر نجاعة تخفف من وطأة التضخم وتلجم ارتفاع الأسعار من خلال التوسع بالاستثمارات؟
حلاق: زيادة الضرائب تمس برأسمال المنشآت الصناعية والتجارية
يرى عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أن زيادة الضرائب هي مشكلة بحد ذاتها بالاقتصاد كونها تمس رأسمال الحقيقي للمنشآت الصناعية والتجارية وسواها، مبيناً أن رأس المال يجب ألا يمس، ويجب بقاؤه كرأسمال حقيقي يعمل في الاقتصاد.
وقال لـ”الثورة”: من الواضح اليوم أن هناك رؤوس أموال يتم المس بها وإنقاصها بشكل أو بآخر، لافتاً إلى أنه عندما تزداد الضرائب وحالياً “كنسب مئوية” غير مرتفعة إلا أنها كواقع ملموس للفعاليات الاقتصادية هي مرتفعة، مبيناً أن ارتفاع الضرائب يخفض من حجم العمل، منوهاً بأنه عندما ينخفض العمل حكماً سيصبح هناك أسواق ومواد احتكارية وارتفاع بالأسعار وتآكل برأس المال، وبمجرد تآكلت رؤوس الأموال من خارج إطار الضريبة، وأصبح لدينا مشكلة حقيقية أخرى، والمقصود بتآكل رؤوس الأموال استنزافها، مبيناً أنه عندما يحدث توقف بالأعمال بشكل أو بآخر فإن أصحاب الأعمال لديهم التزامات ومدفوعات ونفقات ومصاريف، وبالتالي ليس أمامهم سوى العودة لأخذ هذه المصاريف والنفقات من رأس المال، ولذلك لا تتحول إلى ضريبة، وإنما تتحول لأمر آخر، اسمه نفقة من رأس المال، وبالتالي نصبح بمرحلة أخطر اقتصادياً على الاقتصاد وعلى أصحاب الأعمال والحكومة.
وأكد أن الضريبة حق وتتحقق على الربح، وأن النقطة الأساسية، هي ليست فقط زيادة المطارح الضريبية، وإنما أيضاً بالعمل والوفورات بالعمل ورفع وتيرة التوظيف والتنافسية بالمواد، وبالتالي الضريبة بدلاً من أن تكون على عشرة مطارح تصبح على مئة مطرح، وبالتالي تتوزع الضريبة بشكل أكبر، وسوف تقوم بسد العجوزات المالية، وتخفض من الأسعار، وتلغي كل ما يسمى بالاحتكارية.
ولفت إلى الواقع الحاصل اليوم بخصوص منع استيراد البطاريات، لكونه يوجد صناعة محلية، ولكن بالمقابل وجدنا أنه أصبح هناك ارتفاع في الأسعار، ولا نستطيع أن نقول غير مبرر، وإنما أصبح هناك سوق احتكاري، وعندما يحدث ذلك يصبح هناك نقص في المواد حكماً، وسترتفع الأسعار، متسائلاً عن أسباب المنع أصلاً؟
وقال: لدى سؤالنا في سوق البطاريات عن الأسباب، أوضحوا أنهم يدفعون على البطاريات المستوردة ما بين ٣٥ إلى ٤٠% كرسوم وجمارك ونفقات، بينما المصنعة محلياً هذه النسبة ٤٠% لا تدفعها، وإنما تدفع فقط ٥% أو ٧%، وبالتالي هذه ال ٣٠% هو الفرق الذي كان يفترض أن يؤدي بشكل أو بآخر إلى نقطة إيجابية من أجل صناعة البطاريات، وبالتالي عندما توجد البطارية المحلية والمستوردة بغض النظر عن أي أمر آخر حكماً البطارية المحلية ستعمل على تقديم بطارية جيدة وكفاءة عالية وتسوق لنفسها بشكل جيد، وسيؤدي هذا الوضع إلى تخفيض استيراد البطاريات المستوردة الأجنبية، وستحصل على حصتها من السوق وتتوسع الصناعات، موضحاً أنه عندما نحمي صناعة واحدة يصبح لدينا مشكلة حقيقية بهذا الموضوع.
تيزيني: سد عجز الخزينة
بالتخلي عن سياسة الدعم
الباحث والصناعي عصام تيزيني في حديثه لـ”الثورة” يرى أن التخلص من سياسة الدعم الخطأ هو الطريق الأمثل لتخفيف التضخم وعجز الخزينة.. إن الوضع الذي يعيشه السوريون يحتم على أصحاب القرار أن يبتعدوا عن أسلوب الجباية.. كل الطرق المتبعة من فرض ضرائب جائرة أو مصادرات جمارك ظالمة أو فرض رسوم أو زيادة أسعار خدمات ومنتجات الدولة أو أو أو ….كل هذه المطارح لن تفيد طالما أن القابض على القرار الاقتصادي يبحث فقط عن مال يغذي به الخزينة لتسديد أثمان السلع المدعومة، ولا يشجع ولا يبحث عن مال يدخل في دورة العمل والإنتاج ولا يسمح لهذا المال أن ينمو وينمي المجتمع معه …!!!!
إن أحد مشكلات خزينتنا تكمن في ملف الدعم الذي يرهقها ويستنزف جزءاً كبيراً من أموالها بأرقام فلكية من دون تحقيق أهدافه..!!
وقال: ربما، وحسب رأي كثيرين.. من المفيد أن يتم استبدال الدعم العيني الذي ينتج فساداً وهدراً بدعم نقدي يساعد ولو جزئياً في ترقيع الجيوب ويخفف من آثار هذا التضخم الجارف..!!
د.فضلية : لا توجد سياسية للجباية وانما اجراءات وأنشطة
بدوره الاستاذ في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية يرى انه بالعموم لا توجد سياسة للجباية؛ بل توجد إجراءات وأنشطة مكثفة ل(رفع وزيادة) تحصيل؛ بل مزيد من التحصيل لحق الدولة من الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة؛ بما فيها الرسوم الجمركية ذات الصلة بالاستيراد والتصدير وكمية وتسعير وتحصيل القطع الأجنبي اللازم والناتج عن أنشطة التجارة الخارجية وضبوط قضايا التهريب ومخالفات الاستيراد تهريبا والمخالفات التموينية والمرورية ومخالفات البناء.. الخ ..
ويؤكد إن كافة المطارح أعلاه هي من حق الدولة؛ وتعد من الموارد المهمة لخزينتها العامة؛ ولكنها: لا تكفي لوحدها لتغطية العجوزات في الموازنة؛ ولا لتغطية ما يجب إنفاقه فهي في الجانب الجاري والاستثماري منها؛ لسببين أساسيين؛ الأول؛ لأن النشاط الاقتصادي حاليا في أدنى مستوياته نظرا للظروف الاقتصادية القاسية المعروفة؛ وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الاقتصاد وحجم الأنشطة سيتقلصان أكثر عندما تتم المبالغة بممارسة الضغوط لتسريع التحصيلات؛؛ والأشد لجما (وهذا ثانيا) عندما تتم المبالغة في فرض نسب ضريبية وتحصيلية عالية؛ أو أعلى مما يجب… وكذلك الأمر عندما يتم رفع أسعار المشتقات النفطية الذي يؤدي إلى أثرين متناقضين؛ الأول هو التضخم وارتفاع الأسعار ؛ والثاني هو الركود والكساد والانكماش في الاقتصاد؛ وبطء في عجلة الإنتاج،
ويرى إن المبالغة في إجراءات الجباية وتحقيق المزيد من التحصيلات لا يسبب التضخم؛ بل على العكس؛ فهو قد يجمد التضخم؛ ولكنه في المقابل يؤدي إلى مزيد من الانكماش والجمود الاقتصادي؛ الذي هو أكثر إضرارا للاقتصاد مما يتسبب به التضخم.