د. مازن سليم خضور
يقال لكي تهدم المجتمع عليك بثلاث أدوات.. الأداة الأولى هي ضرب اللبنة الأهم وهي الأسرة من خلال الأم و الأب ، الأداة الثانية هي هدم التعليم بينما الأداة الثالثة هي إسقاط القدوة. والسؤال كيف يتم ذلك؟
يكون ذلك عبر ضرب مكانة الأم و الأب من خلال تغيير أدوارهم التربوية كون الأسرة أهم مؤسسة اجتماعية وعليها يقوم المجتمع المتماسك وبالتالي أهم وظيفة تقوم بها الأسرة هي وظيفة تربية الأطفال فالأسرة تقوم بتربية وإرشاد طفلها وضبط سلوكه في تفاعله مع الآخرين مستخدمين عدة وسائل لضبط سلوك أبنائهم و من هذه الوسائل عاطفة الحب التي يبديها الوالدان للأطفال وتكون مبنية على مبدأ الثواب والعقاب وينشأ الاحترام من قبل الطفل لأسرته وتكون بالنسبة له هي القدوة وفي حال ضرب هذه القدوة تكون أول وسائل هدم المجتمع قد تحققت وما نراه من نسب تزايد الجرائم العائلية ما هو إلا دليل على ضرب النواة الأولى في المجتمع السوري وهو ما كنا أشرنا إليه سابقا في صحيفة “الثورة” ضمن سلسلة الحرب الأخرى عن الجرائم المركبة كونها ظاهرة متنامية في مجتمعنا والمشكلة الأكبر هي نوعية الجرائم المرتكبة بالإضافة إلى الشريحة العمرية التي تقوم بهذه الأفعال فلاحظنا جرائم قتل لم تكن بهذا الانتشار كقتل الأخ لأخيه والأخت لأختها والأب والأم لأطفالهم والعكس صحيح وقبل أيام نشرت وزارة الداخلية على صفحتها الرسمية مجموعة من الأخبار منها أن أب ينتحر بعد أقدم على إطلاق النار على بناته وولده و شخص آخر يقدم على قـتل شقيقه نتيجة خلافات .. على ماذا يدل هذا ؟
الأداة الثانية في هدم المجتمع تكون من خلال عملية ضرب التعليم وما عجت به وسائل التواصل الاجتماعي حول وضع طالبة من مدرسة هشام بن عبد الملك في محلة الزبدية بمدينة حلب واعتداء زميلاتها الوحشي عليها وإعفاء الكادر الإداري في المدرسة إلا مؤشرا عن العملية التعليمة التي تأثرت بالحرب فالضرر الذي حصل على المنظومة التربوية والتعليمية والثقافية في سورية كان كبيراً جداً ولم يكن العاملون في القطاع التعليمي بمنأى أيضا عن الاستهداف بعمليات الخطف والقتل هذا ما دفع العديد إلى المغادرة إلى خارج القطر بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية التي عانى منها الجميع .
الأداة الثالثة هي هدم وإسقاط القدوة من خلال ضرب العلماء والمثقفين والطعن فيهم وتعويم طبقة جاهلة فالتسطيح يضرب بجذوره في المجتمعات بهدوء وإصرار، حتى أصبح الجسد الاجتماعي مصابا بالفساد بصورة بنيوية، وتجلى ذلك في بعض مظاهر الحياة الإنسانية وهذا ما نشاهده في الظواهر الغريبة على وسائل التوصل الاجتماعي من خلال كسر كل المحرمات والمقدسات بكل أنواعها، وخاصة الاجتماعية منها، والأمثلة كثيرة فما نشاهده على منصات التواصل مخيف ومرعب ويعطي مؤشرا خطيرا عن الانحطاط والابتذال الذي وصلنا إليه.
ختاماً إن طريق الخروج يبدأ من امتلاك وعي كامل متين بخطورة هذه الاستهدافات من خلال الأدوات الثلاثة الذي تحدثنا عنهم و العمل على بناء تفكير يقوم على مجابهة هذه الاستهدافات لكن الأهم في البداية هو إدراك أن هناك استهدافا للمجتمع السوري وبنيته لاسيما في فترة الحرب.
السابق