الثورة – نهى علي
أقامت هيئة الاستثمار السورية، بالتعاون مع اتحاد غرف الصناعة وغرفة صناعة دمشق وريفها اليوم، ورشة عمل حوارية في مقر غرفة صناعة دمشق تحت عنوان ” متى يكون الاستثمار مفيداً- الاستثمار في مجال الصناعات الغذائية”، تميزت بسقف عالٍ للحوار، وتداول الأفكار والرؤى الهادفة إلى النهوض بهذا القطاع الموصوف بأنه إستراتيجي لجهة دوره الحيوي في مجال تحقيق الأمن الغذائي، لاسيما خلال الظروف الحساسة التي تمر بها البلاد.
هوية الاقتصاد
واعتبرت معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رانيا أحمد، أنه من المهم مناقشة احتياجات الصناعيين في سياق تحديد هوية الاقتصاد السوري، هل هو مخطط مركزي أو هو اقتصاد السوق الاجتماعي؟، فمن الضروري تحديد هوية الاقتصاد، و دور الدولة على الصعيد الاقتصادي.
فرص
وأكدت معاون الوزير أنه في العقود السابقة تراجع دور القطاع العام ليفسح المجال للقطاع الخاص في بعض التخصصات، وبعد صدور القانون 10 والمرسوم 8 ومؤخراً القانون 18، وجميعها موجهة للقطاع الخاص لتشجيع الاستثمار في الصناعات الغذائية، من منطلق القناعة بأنه قادر على النهوض بالمهمة، وقد نص القانون 18 بشكل صريح على مزايا خاصة لقطاع الصناعات الغذائية.
تسهيلات جاذبة
لافتةً إلى أنه من المهم التكامل بين القطاعين العام والخاص بما يرتبط بالأمن الغذائي، وهذا ما أتاحته سلسلة من القوانين والتشريعات الجديدة، والبرامج ذات البعد الإستراتيجي على مستوى الاقتصاد الإنتاجي، منها برنامج احلال بدائل محلية للمستوردات وبرنامج دعم الفائدة على القروض التشغيلية، وكذلك برنامج دعم الصادرات وأنظمة تسويق المنتجات والحوافز التصديرية، وبرامج جديدة قادمة ستكون داعمة فعلاً للاستثمار التنموي.
وبالفعل كان القطاع الغذائي أحد أهم حوامل الأمن الغذائي خلال سنوات الحرب والحصار على البلاد..وهو قادر فعلاً على النهوض والمضي في تحقيق دور محوري.
أدوار
من جانبه معاون وزير الصناعة أيمن خوري لفت إلى أن مؤسسة الصناعات الغذائية والشركات التابعة لها، أحدثت في زمن ما لهدف وطني محدد، والآن علينا أن نسأل عن أي نوع من الصناعات الغذائية ثبت أن القطاع العام لم ينجح فيها ولدى قطاع الأعمال الخاص استعداد وقدرة على تنميته وتطويره وتحقيق نجاحات حقيقية في استثماره فليتولاه، خصوصاً وأن لدى القطاع الخاص مرونة في العمل وفي استجرار مستلزمات الإنتاج من المزارع..داعياً القطاع الخاص إلى الاستثمار في منشآت التصنيع الغذائي الحكومية وتطويرها.
هدف إستراتيجي
بدوره مدير عام هيئة الاستثمار مدين دياب نوه إلى أن تنمية وتطوير الصناعات الغذائية أحد أهم الأهداف التنموية لسورية حالياً ومستقبلاً كونها تؤثر بشكل مباشر على تحقيق الأمن الغذائي بعد أن أظهرت الدراسات والتقارير الأخيرة تراجعاً كبيراً في مؤشراته في سورية، على خلفيات الحصار والأزمة.
واعتبر دياب أنه لا يكفي التوسع بالزراعة وتربية الحيوان لزيادة المنتجات الزراعية، بل يجب السعي للعمل على حفظها من الهدر والتلف من خلال توظيفها في الاستثمارات الصناعية، بما يخدم تغطية الطلب المتزايد على السلع الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي الذي يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاستفادة من من المزايا النسبية للمنتجات الزراعية المحلية في خلق قدرة تصديرية تخدم تحقيق الأمن الغذائي ورفد الحزينة بالمزيد من القطع الأجنبي .
ونوه إلى أن سورية تمتلك العديد من الممقومات التي تخدم التوسع بالصناعات الغذائية من خلال ماتملكه من خامات زراعية لازمة لإنشاء قطاع صناعي متكامل محوري ويد عاملة فتية منتجة.
نمو مضطرد
وقدّم ” مدير الاستثمار” لمحة موجزة عن إحداثيات قطاع الصناعات الغذائية في البلاد، لافتاً إلى أن الانطلاقة كانت مع القانون 10/ لعام 1991/ والذي ساهم بقيام نشاط صناعي كبير وخصوصاً في مجال الصناعات الغذائية، التي تحولت الى صناعات ذات جودة عالية وقادرة على المنافسة داخلياً وخارحياً بعد أن ازداد إنتاجها، وتركز الاستثمار في مجال إنتاج عصيرالفواكه وصناعات خام الزيوت والكونسروة.. ووصل عدد المشروعات التي استفادت من قوانين الاستثمار إلى 800 مشروع.
وأضاف أنه وبموجب قانون الاستثمار رقم 18 للعام 2021 تم استقطاب 20 مشروعاً بكلفة تقديرية تتجاوز 500 مليار ليرة سورية، ومن المتوقع أن تحقق مايقارب 2000 فرصة عمل جديدة.
متطلبات
ورأى دياب أنه من المهم تحديد الفرص والتحديات والميزات النسبية للصناعات الغذائية في السوق المحلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى تحديد ماهي الصناعات الغذائية المطلوبة على مستوى القطر والمحفزات المقترحة ووضع خارطة غذائية تشمل كل أنواع الصناعات الغذائية وتوزعها الجغرافي تراعي الربط بين الخطتين الزراعية الصناعية وإدراج أنشطة الصناعات الغذائية ضمن الأنشطة المشمولة بقانون الاستثمار 18 لعام 2021 وتشجيع إقامتها.
داخل وخارج المدن الصناعية وبالقرب من مراكز الإنتاج الزراعي وإعداد الأدلة الاجرائية لمنح الموافقات والتراخيص للأزمة وتفعيل الدور المصرفي المطلوب لدعم الصناعات الغذائية ودعم مشاريع الزراعة والإنتاج الحيواني التي توفر مدخلات الصناعات
الغذائية.
تكامل
أما رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية غزوان المصري فقد أشار إلى أن قطاع الصناعات الغذائية يعتبر عنصراً داعماً ومحفزاً لتطوير القطاع الزراعي وركناً أساسياً في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي وزيادة الإنتاج المحلي على حساب المستوردات من السلع الغذائية التي تزداد متطلباتها يوماً بعد يوم، منوهاً بأن قطاع الصناعات الغذائية يحظى باهتمام جميع دول العالم، كما بين أن القطاع الخاص يتمتع بميزات عديدة وبالإمكان أن تحقق فاعلية جيدة للاقتصاد الوطني خاصة في ظل العقوبات التي تعرضت لها سورية كونها تجمع ما بين الكفاءة التشغيلية والاقتصادية والمالية وبين سرعة العمل والتسويق للقطاع الخاص، مع دور القطاع العام في تأمين بيئة مواتية ووضع الأنظمة والقوانين المناسبة التي تضمن مراعاة المصالح الاجتماعية، مضيفاً إن التكاملات ما بين القطاع الخاص الغذائي وقطاع الزراعة سوف تؤدي دوراً مهماً في إطلاق عجلة النمو الاقتصادي مما يساعد على تطوير الريف السوري بشكل عام وتأمين فرص العمل للشباب وازدهارا لقطاع الصناعات الغذائية السورية.
جدل
وشهدت الورشة جدلاً يمكن وصفة بـ “الساخن” بين الحضور تداخلت فيه الرؤى بين وجهات النظر التنفيذية والأخرى الأكاديمية، وآراء ممثلي قطاع الأعمال الصناعي التي لم تخلُ من الحالة المطلبية، واستحضار النماذج العربية والإقليمية في التعاطي مع إدارة ودعم قطاع التصنيع الغذائي.
كما كان لممثل اتحاد الغرف الزراعية رؤيته التي اتسمت بشيء من التصالح والسرد الموضوعي لواقع وظروف وعلاقة الزراعة بقطاع التصنيع الزراعي.
والخلاصة أن ثمة دور استراتيجي يجب أن يضطلع به قطاع الأعمال في مجال التصنيع الزراعي، ورجالات القطاع يركزون على طلب الدعم للقيام بهذا الدور.
لكن تبقى المصلحة والجدوى الاقتصادية هي ما يقود أفق التنمية في هذا القطاع..والثابت أن المطلوب تعزيز هذه الجدوى لتحفيز الاستثمار والتوظيف الرأسمالي في أحد حوامل الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المهمة في البلاد.