الشعر بين الأصالةُ والحداثةُ ماضٍ عريق وحاضرٌ بريق

الملحق الثقافي- د. ياسر صيرفي:
لا شكَّ في أنَّنا إذا أردنا أن ننطلقَ في أيِّ بنيانٍ مهما علتْ أو قَصُرتْ مراتبُه فعلينا أن ننطلقَ من القواعدِ الرَّاسخةِ التي تساعدُ في الشّهوقِ به دونَ أنْ نلمحَ أيَّ مَظهرٍ من مظاهرِ التّضعضعِ والهَنَاتِ… ولعلَّ هذا الحالُ ينطبقُ على المشاريعِ الأدبيّةِ عموماً والشّعريّةِ على وجهِ الخصوصِ، وهنا نوجِّه إصبعَ التمحُّصِ والتفحُّصِ على الشّعرِ قديمِهِ وحديثِهِ، ثمَّ نحاولُ أنْ نوجدَ شيئاً من الموازنةِ معَ الوقوفِ عندَ مزايا كلٍّ منهما، وهل يا تُرى بالإمكانِ أنْ نجعلَ أحدَهما يطفو على حسابِ الآخرِ، أو أنَّنا لا بدَّ من الاعترافِ بأنَّ بينَهما علاقةَ اتِّكاءٍ وإتمامٍ؟
فالشعرُ القديمُ هوَ ذلك الذي تربَّتْ عليه الآذانُ والنفوسُ، فاستساغتْهُ وعاشَتْ وتعايشَتْ معَهُ، فباتَ لها قرآناً لا يمكنُ أنْ يخالطَ الرُّوحَ عندَما تلامسُه أيُّ شكٍّ أو نظرةٍ قاصرةٍ، وقد اتَّسمَ بالرَّصانةِ والقدرةِ على إيصالِ المَقصدِ النفسيِّ للشّاعرِ بصورةٍ عميقةٍ وتوازنٍ متماسكٍ، حالُهُ حالُ البنيانِ المرصوصِ الذي لا تشوبُه شائبةُ الضَّعفِ، أمَّا فيما يخصُّ الشعرَ الحداثيَّ فقد عمدَ أنصارُه إلى الوقوفِ بجانبِه موقفَ المُزيِّنِ له المُنتصِرِ لميزاتِهِ؛ فقد رأوا ضرورةَ التَّغييرِ والخروجِ على النَّمطِ التقليديِّ القديمِ الذي يوقعُ صاحبَه في قيودِ القوافي والأوزانِ التي تضطرُّ بصاحبِها إلى الحشوِ والحذفِ في سبيلِ الوصولِ إلى النهاياتِ التي تكمِّلُ البحرَ، فكانَ الشعرُ الحداثيُّ بمنظورِهم الاقدرَ على نظمِ الملاحمِ والمقطوعاتِ التي تتنوَّعُ من بحرٍ إلى آخرَ، ومعَها يتبدَّلُ الموضوعُ حيثُ شاؤوا ومتى شاؤوا، وقد تأثّروا بآرائِهم تلك بطبيعةِ الشّعرِ الغربيِّ الذي يقطعُ البيتَ في حالِ انتهى معَهُ المَعنى.
لكن مهما يكنْ من آراءٍ واتجاهاتٍ نقديّةٍ لا بدَّ أن نعترفَ من وجهةِ النَّظرِ التي ربَّما تُوصَفُ بالقصورِ بأنَّ الشعرَ العاموديَّ يرسخُ في الأذهانِ رسوخَ المشاعرِ في القلوبِ الظامئةِ إلى العشقِ، في حين أنَّ الشعرَ الحديثَ -في غالبيّته- باتَ مجرّدَ حِبرٍ على ورقٍ أقرب ما يكونُ إلى العامّيّةِ أو الكلامِ المنثورِ إلّا ما نذَرَ؛ وذلكَ مرجعُهُ إلى كثرةِ الأشعارِ الحداثيّةِ التي باتتْ سلعةً سهلةً يُتاجَرُ بها، في حين أنّه من الإنصاف الإشارة إلى أنّه هناك أشعاراً حملتْ رصانةَ القديمِ وسلاسةَ الحداثةِ فرسَّختِ الحقيقةَ التي مفادُها «الأصالةُ والحداثةُ ماضٍ عريق وحاضرٌ بريق».
                         

العدد 1181 – 12 -3 -2024             

آخر الأخبار
السيطرة الكاملة على حرائق ريف اللاذقية الشمالي ..واستمرار التبريد والمراقبة وزير الطوارئ: 1875 متراً من الشجاعة.. رجال الإطفاء يروّضون النيران في حرائق المشيرفة الشرع يبحث مع مساعد وزير الاستثمار السعودي التعاون المشترك إجراء نوعي للعيادة القلبية بمستشفى حماة الوطني وزير الدفاع لرجال الجيش: أوصيكم بحماية أهلكم المواطنين في السويداء نقاشات اقتصادية إيجابية بين سوريا والأردن ..  فتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار الداخلية: دورنا حفظ الأمن وحماية المدنيين في السويداء الشيباني يبحث مع كالاس تعزيز العلاقات بين سوريا و"الأوروبي" تفعيل التعاون بين حسياء الصناعية ومؤسسة الخبراء الألمان بين الشرق والغرب.. مفاجأة لوجستية في قلب الساحل السوري العمل الحكومي المؤسساتي.. ضرورة تنموية في ظل التحديات خارطة طريق لتعزيز التشارك بين الوزارات الغابات رئة سوريا .. كيف نحميها؟ أحدث الطرق لاكتشاف الحرائق لحظة حدوثها تراجعت زراعته إلى النصف.. التبغ هل سيبقى محصولاً استراتيجياً ؟ الظروف المناخية وصعوبة ترحيل الخلايا تخفض إنتاج العسل بطرطوس فيرشينين: الاتصالات بين دمشق وموسكو حول القواعد الروسية مستمرة المملكة المتحدة: سوريا تلتزم بشكل كامل بتدمير بقايا برنامج "الكيميائي" "مجازر الكيميائي".. جرائم لا تسقط بالتقادم.. هبوط حاد بالأسعار وانتعاش لقطاع الموبايلات بطرطوس الثروة الحيوانية في طرطوس.. تحصينات وقائية ضد الأمراض وصعوبات تواجه المربين اقتصاد سوريا الأزرق.. القبطان محمد جمال عثمان لـ"الثورة": استثمار "موانئ دبي" مقدمة لنهضة في صناعة ...