عمار النعمة
عشرات بل مئات الكتب والدراسات عربية وغربية وضعت عن الحرب العدوانية على سورية، صدرت في الداخل والخارج بعضها كان منصفًا يقول الحقيقة ويقدم وثيقة للأجيال وبعضها الآخر لم يكن كذلك ..وإذا ما تحدثنا عن الكتب المهمة التي صدرت في سورية وكان مؤلفوها شهوداً على ما يجري ومحللين للواقع السياسي برؤية شاملة فإننا لا نجد إلا عدداً محدوداً من الدراسات.. من الكتب المهمة كتاب الثعلب والقُنفُذ للدكتور والباحث عقيل محفوض صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ب٣٦٧ صفحة من القطع الكبير ..يتألف الكتاب من مقدمة و 14 فصلاً.
الفصل الاول: بعنوان قراءة الحرب في أفق التفكير واتجاهات الحدث، يتناول قراءة السيد الرئيس بشار الأسد للموقف في سورية بعد عدة سنوات من الحرب، وقد حاول أن يقدم من منظوره قراءة معمقة للحدث السوري على ما في الحدث من سيولة كبيرة ومخاطر ماثلة وتحديات غير مسبوقة ولا يقين حاد.. يتناول الفصل ما يفترض الكتاب أنه (نقاط ارتكاز) رئيسة يمكن أن تساعد في قراءة وتقدير الحدث السوري وتتمثل في أولوية أو تغير الوزن النسبي ل(الداخل مقابل الخارج، والاجتماعي مقابل السياسي، والاقتصادي مقابل الأمني، والكلي مقابل الجزئي، والاحتمالي والنسبي مقابل القطعي والإطلاقي) وإذا كان من الصعوبة بمكان أن نستعرض الكثير مما في هذا السفر السياسي الكبير فإننا نلجأ إلى المؤلف الذي وضع ملخصًا لفصول الكتاب ونقدم منه المعلومات التي تتيح إلى القارىء الاطلاع على موجز سريع للكتاب ريثما يبحر في قراءته .. إن من أسباب الموقف الأميركي المعاد لدمشق، هو اعتقاد واشنطن أن محاولاتها ل (تغيير سلوك النظام) في دمشق لم توصل إلى نتيجة، ولابد من العمل على (تغيير النظام) وهذا كفيل من منظور واشنطن بأن تتغير سورية ومعها الإقليم كله .. فيما ترى سورية أن المساعي الأميركية لتغيير (سلوك النظام) فيها هي نوع من (الاحتواء والاستهداف) البعيد والعميق الذي يعني تغيير سورية نفسها لتصبح بلداً ضعيفًا ومفككًا وتابعًا للولايات المتحدة وجزء من سياساتها ورهاناتها الإقليمية والدولية وهذا من منظور سورية أمر مرفوض ولابد من مقاومته .. كانت أميركا أحد محددات وفواعل الحرب السورية منذ عام 2011، وهي تواصل إلى اليوم سياسات الإجهاد والحصار والخنق الاقتصادي ورفع تكلفة المواقف والسياسات، ومحاولة احتواء وتفكيك التحالفات لدى سورية وخلق أو تعزيز الاتجاهات والبنى (الكيانية) في مناطق مختلفة من البلاد، كما تواصل أميركا حرباً هجينة لا هوادة فيها، بهدف التأثير في نظم القيم والبنى والتفاعلات الاجتماعية والسياسية ليس لدى السوريين فحسب، وإنما لدى حلفائهم أيضًا، بالمقابل فإن سورية ترى أن أميركا لن تغير سياساتها المعادية لها، وأن السبيل الوحيد الممكن هو المقاومة، ذلك أن تكلفة المقاومة من هذا المنظور أقل من الاستسلام وأن كل محاولات التفاهم أو التقارب مع الولايات المتحدة لم تحقق نتائج مناسبة او متناسبة لسورية بل هي تصب دومًا وحكمًا في خدمه إسرائيل.. وهكذا فإن كل تقدم تحققه دمشق في الحرب الدائرة في سورية وعليها منذ عام 2011 يمثل تراجعًا وخسارة لأميركا، الأمر الذي يفسر كيف أن الاخيرة تعمل بما أمكنها من حيلة ووسيلة على سورية وحلفائها من تحويل أي إنجاز عسكري لانتصار سياسي ..ويأتي الفصل السابع بعنوان ( للسياسة بالاقتصاد : قانون قيصر في الحرب السورية، الأهداف والآثار والاستجابات) يتناول قانون قيصر بوصفه مرحلة جديدة من الحرب، من بوابة العقوبات وسياسات الخنق الاقتصادي للمجتمع والدولة، وانسحاب جانب كبير من تلك السياسات على شركاء سورية في الحرب، ولاسيما روسيا وإيران بالإضافة إلى تاثيرات محتملة في دول الجوار مثل لبنان والعراق بوصفهما متعاونين محتملين مع سورية.
في الختام نقول : بأن كتاب الثعلب والقُنفُذ يستحق الوقوف عنده والإبحار في فصوله، فهو يحمل معلومات غنية ومتنوعة وواضحة حول العلاقات بين سورية والولايات المتحدة.
