في كل ما ينشر من (آراء، انطباعات، نقد) على مواقع التواصل، حول الدراما لا يخرج عن كونه ضمن ذات التدفق، الذي نلحظه في كل مجالات واختصاصات الحياة: سياسة، اجتماع، رياضة، اقتصاد، والآن هو دور الأعمال الدرامية..
ليست محصّنة ولا بعيدة عن الدخول في ذات اللعبة الافتراضية التي ليس لها حدّ ولا ضابط.. فالكلّ صاحب حق بإبداء رأيه على حسابه الشخصي، لكن أن تقوم صفحات ومواقع تسوّق نفسها على أنها مختصة بالفن والإبداع، بنشر آراء ومنشورات لأيّ كان، يبدو أمراً مستفزاً وغير صائب.. ويندرج في السياق ذاته من فوضى التدفق اللامضبوط.. ولا حلّ معها سوى الاعتياد على مجرد لحظها لحظاً بصرياً آنياً، دون منحها حق اللحظ “الفاعل” ولا حتى “المنفعل”.. يعني أن تكون محصلة (ردّ الفعل) عليها صفراً لا أكثر.. كأنها ما كانت.
يخلط البعض حتى لو كانوا من ذوي الاختصاص الإبداعي، ما بين النقد الصحفي اليومي وبين النقد المنهجي الذي مكانه في الدوريات المختصة.. وهنا تحديداً ندخل، أو يدخلون فيما يطلق عليه “نقد النقد”..
النقد قبل كلّ شيء هو حالة بناء معرفي جمالي، غايته إظهار جسور لقاء ما بين مختلف عناصر الحالة الإبداعية التي لا توجد فعلياً دون “متلقين”.. وبالتالي وحين النظر إليه على أنه حالة حوارية، يضيف ولا ينتقص حتى لو ركّز على “السلبي” قبل “الإيجابي”.
ثمة من يطالب في الكتابات النقدية أن تظهر الإيجابي قبل السلبي.. لكن تتغافل هذه الفئة عن كون كلّ بناء يأتي بعد “هدم”..
بالإضافة إلى أن “مساحة” المقال لا تمنح ما يُفترض به أن يكون.. وهنا كان واجباً إظهار ما يراه الصحفي سلبيات.. فالجيد والحسن يُفترض أن يوجد من تلقاء نفسه، وبالتالي هو مقروء ومرئي دون الحاجة للإشارة إليه، مع التأكيد دائماً على أن المقال الصحفي هو عبارة عن قراءات نقدية..
حالة وسطية ما بين القراءة/الرأي وبين النقد المنهج الاختصاصي..
قراءات تعتمد على تراكم سنوات من المتابعة والخبرة المعرفية التي تؤدي بدورها إلى صقل ذائقة قادرة على منح حكم/رأي موضوعي.
الأهم.. في كل ما يدور حولنا من فوضى (إرسال وتلقٍ) يتمثل بمحاولة عدم مصادرة الرأي أو النقد الصحفي “المهني” و”الموضوعي”.. لأن الحدّ من حريته يعني بشكل أو بآخر الحدّ من حرية المبدع، الفنان، المخرج أو أياً كان.
المفارقة في كل ما يحصل أن النقد حين يكون إيجابياً يصبح مرحباً به من قبل المبدع/الفنان، وحين يكون سلبياً يتم التشكيك به وبمصداقية وكفاءة كاتبه.