بوتيرة تصاعدية متوقعة وغير مفاجئة لأحد بدأت بورصة الأسعار بالارتفاع، خاصة اللحوم البيضاء منها والحمراء، ليس فقط في السوق وإنما في صالات السورية للتجارة التي يفترض بها أن تكون عوناً وداعماً للمستهلك بأسعارها المنافسة والمدروسة لا أن تزيد الضغط عليه وترفع أسعارها بشكل يومي تقريباً، وكمثال بسيط هنا ارتفع سعر شرحات الفروج خلال أسبوع من 63 ألف ليرة ليسجل اليوم 78 ألف ليرة.
تجربة السنوات الأخيرة للمستهلكين مع التجار والمنتجين مريرة، ولا أحد يأخذ بعين الاعتبار الوضع المعيشي الصعب والقاسي للناس، لا بل اعتاد من ابتعد عن الحد الأدنى لأخلاقيات العمل التجاري الذي تميز بها التجار السوريون، وبالتالي متوقع منهم كل سبل وطرق الاستغلال والاحتكار لتحقيق أرباح طائلة، ولكن أن تتحول إحدى أهم مؤسسات الدولة للتدخل الإيجابي لتمارس حالة الاستغلال نفسها وتجاري السوق بأسعار مرتفعة وتفوقه ربما بمواد وسلع أخرى، فهذا أمر لم يعد مقبولاً أبداً في ظل هذه الظروف.
أما لماذا يجب أن تكون السورية للتجارة بمكان آخر وبمرحلة متقدمة من العمل كذراع قوي وتدخلي يكون بيد الحكومة تتدخل فيه بالوقت والزمان المناسبين للتخفيف من حركة فوران الأسعار وتحكم وتلاعب التجار فيها ؟ الجواب لأسباب كثيرة: أولها الدعم الكبير الذي تحظى فيه السورية ومن أعلى مواقع القرار، والذي طالبها مراراً بأن تمارس دورها المطلوب كتاجر كبير في السوق لا أن تتخلى عنه، وثانيها الإمكانات الكبيرة لديها وليس أقلها تموضع وعدد صالاتها في أهم المواقع في مختلف المحافظات وأسطول سياراتها ومستودعاتها، وثالثها وهو الأهم أن المستهلك لايزال يثق بكل منتجات الدولة وصالاتها ويعتقد أن كل ما تعرضه مضموناً وبجودة عالية.
نعم لا تزال العديد من القيود الروتينية إدارية ومالية وقانونية تعرقل ممارسة هذا الدور الكبير والمهم، وآن الأوان لتعمل الجهات التنفيذية لتجاوزها كي تسدّ باب التبرير الدائم من القائمين عليها في التقصير والتقاعس عن ممارسة دورها التدخلي الحقيقي، وبالتوازي مع هذا لا بد من قيام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدورها في العمل على معالجة معوقات عمل السورية ومتابعة ورقابة التجار اللصوص الذين يستغلون المستهلكين والتعامل معهم بحزم وقوة.