الثورة:
بعد أكثر من ستة أشهر على مجازر إسرائيل في قطاع غزة وهي من مأزق إلى آخر رغم الدعم العسكري والسياسي من الولايات المتحدة بشكل خاص والكثير من الدول الغربية والعربية إلا أنهم لم يستطيعوا لي ذراع المقاومة التي ألحقت الهزيمة بالاحتلال الذي يبحث عن باب للخروج من عنق الزجاجة.. فهل يستطيع هذا الكيان ذلك؟
الواضح من أسلوب المقاومة الفلسطينية في إدارة المعركة يشير إلى أنها تمسك بأوراق القوة التي استطاعت فرضها في المفاوضات، ولم تستطع حتى الدول التي ترعاها أن تفرض رأيها عليها وباتت الكلمة العليا هي للمقاومة، وهذا ما أعاد القضية الفلسطينية إلى المربع الأول رغم الحصار الذي فرضته الدول الداعمة للكيان الإسرائيلي على الرأي العام، لكن المجازر التي ارتكبها هذا الاحتلال هي التي غيرت التأييد الذي كان يتمتع به في الغرب وحتى تهمة معاداة السامية لم تعد تجدي نفعاً، لهذا فإن المأزق كبير جداً وباتت القضية قضية العالم رغم النشاط الدبلوماسي المكثف للولايات المتحدة لإنقاذ “إسرائيل” الغارقة في وحول غزة ووضعت خارطة طريق وفق ما ذكر المراسل السياسي إيتمار آيخنر لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة إلا أنها لم تستطع تحقيق الاختراق المطلوب على المفاوض الفلسطيني, وهذا ما يسبب قلقاً متزايداً لدى إدارة الرئيس بايدن الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين المقبل وبحسب المصادر الرفيعة للمراسل الإسرائيلي لصحيفة يديعوت أحرونوت فإن الإدارة الأمريكية تعاني من الضغط بسبب الملف بين إسرائيل وبين المقاومة الفلسطينية, ولهذا تريد إنجازاً يعرض على المصوتين فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط, فهل تستطيع إدارة بايدن تحقيق هذا الإنجاز؟
إن جميع المؤشرات تؤكد فشل المحاولات الأمريكية لأن العقبة الأساسية تكمن في قوة المقاومة الفلسطينية على الأرض وفي المفاوضات, بينما “إسرائيل” التي تبحث عن طريق يحقق لها الانتصار فإنها تغوص في وحول غزة، ولهذا فإن نتنياهو يبحث عن طريق آخر لإنقاذ نفسه عبر معركة كبرى لتوريط الولايات المتحدة والمشاركة فيها، ولم يكن العدوان الذي استهدف القنصلية الإيرانية بدمشق إلا من أجل توسيع نطاق المعركة, ووفق مصدر دبلوماسي إيراني مطلع قال لصحيفة الأخبار، إن «طهران توصّلت إلى استنتاج مفاده أن “إسرائيل” في صدد الخروج من مأزق غزة عن طريق إثارة أزمات جديدة، وهي تحاول جرّ إيران وأميركا إلى مواجهة مباشرة؛ وعليه، فإن تبادل الرسائل الأخيرة بين طهران وواشنطن، تمّ بهدف احتواء المخطّط الإسرائيلي المتقدّم».
من الواضح أن المأزق الإسرائيلي يسير نحو الهاوية دون أي ضوء في نهاية النفق لتحقيق أي إنجاز يستثمره نتنياهو في الداخل الإسرائيلي وفي المفاوضات مع فريق المقاومة, لهذا فإن الضغط السياسي والشعبي الخارجي والداخلي أفقد “إسرائيل” عنصر القوة الذي تتمتع به, وباتت المقاومة في قطاع غزة هي كالمقاومة في جنوب لبنان, وهذا ما تحدث عنه الباحث السياسيّ، في (معهد أبحاث الأمن القومي) الإسرائيليّ عضو الكنيست السابق عوفر شيلح في موقع القناة الـ 12 الإسرائيليّة، أنّ الجيش أصيب بفشل مزدوج في غزة بسبب سياسة نتنياهو، إذ لم يحقّق أي إنجازات عسكرية من جهة، وتعرض لأحداث صعبة من المقاومة الفلسطينية, ولهذا فإنه سبق أن عاش الجيش كلّ هذا في لبنان،, ولم تستطع “إسرائيل” تحقيق أي إنجاز عسكري ضد المقاومة، لا في القضاء عليها ولا على قيادتها، ولا في قدرتها على إيقاف صواريخ المقاومة، ولا تحرير أسير واحد بالقوة، ولا القضاء على سلاح الأنفاق، ولا فرض شروطها على المقاومة، بل هذا القلق انعكس على الداخل الإسرائيلي وعلى نتنياهو الذي يسعى للخروج من مأزقه لأنه يعرف أن نهاية الحرب سيكون مصيره السجن، حتى أن الموقف الدولي لم يعد موحداً مع هذا الكيان الغاصب وفوق هذا كله لم تستطع “إسرائيل” ومن معها منع رفع دعوى ضدها في محكمة العدل الدولية، ليكبر المأزق الإسرائيلي، ولم يكن في هذه الدرجة من السوء منذ تأسيس هذا الكيان عام 1948 خاصة وأن العزلة الدولية باتت كبيرة وتحوله لدولة منبوذة، ولم يعد أمام هذا الكيان وداعميه إلا الاعتراف بالهزيمة أمام المقاومة لأنهم لن يستطيعوا إيجاد الباب الذي يسعون إليه للخروج من عنق الزجاجة ويكون طريقهم للخروجهم من هذا المأزق، فهل يعترفون بالهزيمة؟ أم يتحول عنادهم إلى حرب كبرى يدفع الجميع ثمن هذا القرار الأحمق؟ الأيام القادمة ستظهر لنا الوقائع بشكل أوضح وقد تغير المعادلة في المنطقة بأسرها، لكن المؤكد هو أن ما بعد السابع من أكتوبر ليس كما قبله وانتصار المقاومة هو المؤكد.
نضال بركات