في الملتقى الحواري لقانون الخدمة العامة.. الدكتورة سفاف: وضع أسس القانون الجديد بعد أن يأخذ مساره الزمني ضمن الإطار التشريعي
الثورة – دمشق – لينا شلهوب:
تابع الملتقى الحواري الموسع لقانون الخدمة العامة فعالياته لليوم الثاني في مجمع صحارى بريف دمشق، والذي تقيمه وزارة التنمية الإدارية، وذلك بحضور وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلام سفاف، ومشاركة عدد من معاوني الوزراء في الجهات العامة، وحشد من المعنيين.
وتسعى وزارة التنمية الإدارية إلى دراسة مشروع قانون الخدمة العامة من كل الجوانب القانونية والعملية (صناعة قانون الخدمة العامة)، وتوجهات العاملين في القطاع العام في مختلف قطاعاته، حيث تناولت جلسات العمل عدداً من المحاور التي ناقشت الإطار العام للقانون ومضامينه، بغية وضع أسس القانون الجديد، بعد أن يأخذ مساره الزمني ضمن الإطار التشريعي، واستعرض المحور الأول هوية الوظيفة العامة (نظام مغلق/ نظام مفتوح)، والمقصود بالتوظيف على النظام المغلق أي التثبيت للعاملين، بينما يعني التوظيف على النظام المفتوح أي التعاقد لأجل محدد، أو العمل لمشروع محدد ويكون التعاقد سنوياً أو لأشهر أو لمدة محددة، وهناك المختلط للفئتين الأولى والثانية، فيما المفتوح لباقي الفئات.
تهيئة البيئة
لوحظ أن التوجه العام هو اعتماد نظام (مختلط) نظام الوظيفة العامة المفتوح إلى جانب نظام الوظيفة العامة المغلق، ووضع القواعد والضوابط الناظمة لذلك.
وكان هناك تساؤل: هل نحن جاهزون للوظيفة على النظام المفتوح سواء اقتصادياً أم وظيفياً أم اجتماعياً، أم …. ؟ وتمت مناقشة هذا الأمر الذي يحتاج لتهيئة البيئة التشريعية الكاملة من قوانين وتشريعات، لضمان حقوق العمال. وأكدت النقاشات أنه دستورياً لا يوجد مشكلة، لكن هناك مخاوف مشروعة، إذاً لابد من تجهيز البيئة لاحتواء تلك المخاوف.
وعندما يتم إقرار الوظيفة العامة على النظام المفتوح، هذا لا يحتاج فقط للتشريع، بل كل شيء، انطلاقاً من الإستراتيجية، ومن ثم خطة، ثم تشريع بما فيه حماية العمال.
فيما تمت مناقشة هوية الوظيفة العامة مع تهيئة البيئة العامة، حول ما هو التوجه الذي نريده، وما الهدف الأساسي من الوظيفة العامة، كونها تُعنى بتقديم الخدمة الجيدة وليس هدفها ربحياً، لافتين إلى أنه لا ضير من التوجه نحو النظام المختلط لكن مع وجود الحذر.
نوع الوظيفة يحدد التوجه
عدد من المحاورين أكدوا أننا لسنا مستعدين لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً للانتقال للوظيفة على النظام المفتوح، لأنه لا يوجد استقرار، وذلك نتيجة ضعف الانتماء، ووجود ضعف إداري، لأن المحسوبيات قائمة وموجودة، وبإمكانها التأثير على الإداريين.
وأشارت الوزيرة سفاف إلى مدى ربط العمل بالنظام المفتوح سواء بالنشاط أو الفئة وأيهما أفضل، منوهة بأن نوع الوظيفة هو الذي يحدد التوجه، ولابد من تنظيم الجزء غير المتساوي بين العاملين (المثبتين والعقود) إذاً لابد من تسوية الواقع من حيث التأمين، الضمان الصحي والاجتماعي.
وتساءل المحاورون: كيف ندير المورد البشري، هل يكون عبر التدريب، خاصة أنه لا يوجد معاهد متخصصة لتدريب الخريجين قبل التعيين لذلك عند التعيين لابد من إخضاع الموظف لدورات تدريبية.
هناك من وضع نسباً للتعيين مثلاً ٧٠٪ مغلق و ٣٠٪ مفتوح، وبينت الوزيرة أن ذلك أمر غير صحي، فالحالة بحاجة لدراسة وهي تفرض نفسها.
معاون وزير الإعلام أحمد ضوا أشار إلى أنه لابد من الانتقال إلى النظام المفتوح في الإعلام، وتحديد الهوية والمزايا والمعوقات.
ربط سلالم الأجور بالمسلك الوظيفي
الجلسة الثانية تناولت المفاهيم وكيفية التغيير بها، عند وضع التشريع يجب ألا يكون دائماً، إنما أن يتم بناؤه اعتماداً على أفكارنا وواقعنا المعاش كي نعالج مشاكل عصرنا، والتغيير يبدأ من جوهر المجتمع كي يلائم القوانين.
بالنسبة لمحور ربط سلالم الأجور بالمسلك الوظيفي.. تعددت الآراء المقترحة والنسبة الأكبر كانت لربط سلم الأجور بنوع الوظيفة وفئتها ومرتبتها ورفضت أربع جهات ربطها بالمسلك الوظيفي وهي وزارات: الثقافة، الدفاع، الخارجية والمغتربين، الإدارة المحلية والبيئة.
طرحت بعض الوزارات التي ربطت بين سلم الأجور بالمسلك الوظيفي، إضافة عوامل أخرى منها: ربطهما بالدرجة الوظيفية أو بنوع الوظيفة وفئتها ومرتبتها أو ربط الأجر بمؤهلات العامل وبشهادته في النظام المغلق وربطه بنوع الوظيفة في النظام المفتوح.
فقد شدد معاون وزير الإعلام أحمد ضوا على أن الأجر أساس نجاح المشروع، ويحقق الانتماء والحياة الكريمة للعامل، بغض النظر عن شهادته، باقي الأجر يحدد حسب الشهادة والخبرة ونوعية الأداء وهذا يخلق تنافساً بين موظف من نفس الفئة ونفس الاختصاص.. وتساءل لماذا كوادرنا عندما تخرج أو تسافر خارج البلد تنجح أكثر؟
مقترحات..
معظم الوزارات اقترحت فتح سقف الرواتب والأجور وضرورة إعادة النظر بنسب التعويضات الممنوحة للعاملين، فقد أشارت وزارة السياحة إلى ضرورة ربط التعويضات المناسبة بالمنصب الوظيفي، فيما اقترحت وزارة العدل ضرورة اشتمال مستحقات العاملين على المزايا الوظيفية ونظم الرعاية الاجتماعية والثقافية والصحية وبرامج التطوير والتأهيل والتدريب، كما اقترحت رفع التعويض العائلي بما يتناسب مع القيمة الشرائية وربطه بنسبة مئوية من الراتب المقدم.
المقترحات النهائية في هذا المحور
ربط سلالم الأجور بالمسلك الوظيفي ونظام المراتب الوظيفية بحيث يترتب زيادة الأجر عند الانتقال من مرتبة إلى أخرى، ووضع عتبة دنيا للأجر في كل مرتبة.
تشكيل لجنة في رئاسة مجلس الوزراء مهمتها دراسة القوة الشرائية للأجور والتعديل بشكل مرن بما يتوافق مع القيم الرابحة للوضع المعيشي ووضع مادة قانونية تحدد مهام اللجنة وصلاحيتها وفق أحكام قانون الخدمة العامة الجديد وذلك لتسهيل إجراءات تعديل الأجور من دون الحاجة لمرسوم أو قانون، فتح سقف الأجور حيث يؤدي إلى زيادة أداء العامل والاستمرارية في بذل الجهد لتقديم الأفضل.
رفع الأجور
عند الانتقال من النظام المغلق إلى المفتوح أو المختلط يجب تقييم مراكز العمل والتوصيف الوظيفي لكل عمل قبل الانتقال وليس التعاقد مع الأشخاص وتوطينهم في أي مؤسسة.
وتم التأكيد على فتح السقوف ليشعر الموظف بالانتماء، إذ أكدت وزير التنمية الإدارية أنه في نظام الوظيفة الحالي لا يوجد سلالم واضحة، هناك تشوهات كبيرة بسلالم الأجور، من هنا لابد من وجود مجلس أعلى للأجور للقطاعين العام والخاص لتصحيح بنية العمل كي لا يكون هناك فجوة كبيرة بين القطاعين، مضيفة أننا نحتاج إلى رؤية أوسع، منها فتح السقوف، مع وجود فريق خبرة يدرس ذلك وفق الطروحات القادمة.
الجلسة الثالثة
تناولت الجلسة الثالثة وضع أنظمة عمل وعاملين للقطاعات المختلفة ( الاقتصادية، الخدمية، الإدارية)، وتضمنت اقتراحات الجهات العامة فيما يخص شكل أنظمة العمل، ١٥ ٪ من الجهات العامة لم تقدم مقترحات تخص شكل أنظمة العمل المختلفة، بينما أبدت ٣٤٪ من الجهات العامة أن يتم وضع أنظمة عمل وعاملين للقطاعات المختلفة تحت مظلة قانون الخدمة العامة، ويبرز في هذا الصدد رأي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي اقترحت وضع تشريع ينظم عمل الناشطين في القطاع العام الاقتصادي (الجهات العامة الاقتصادية) مستقل عن قانون الخدمة العامة، ولاسيما فيما يتعلق بأوضاع العاملين (ندب، نقل، إعادة، استيداع) وحقوقهم وواجباتهم، أما مساءلتهم التأديبية أو الجزائية وطرق إنهاء خدمتهم فتبقى خاضعة للقانون العام، أي قانون الخدمة العامة.
وهناك ١٩٪ وضع أنظمة عمل وعاملين للقطاعات المختلفة ( الاقتصادية، الخدمية، الإدارية).
و١٧٪ وضع أنظمة عمل وعاملين خاصة لجهات معينة تابعة للجهة العامة.
١٥ ٪ قانون الخدمة العامة + وضع أنظمة عمل وعاملين خاصة لجهات معينة تابعة للجهة العامة.
مناقشة عامة في القانون الأساسي
الإجازات.. تعديل مدد الإجازات الحالية وزيادتها (الإدارية، الزواج، الوفاة، الأمومة..)، توحيد إجازة الأمومة بالنسبة لجميع الأولاد وزيادة مدتها، المساواة في إجازة الوفاة بين أصول وفروع العامل وأصول وفروع زوجه بحيث يتوافق التعديل مع قانون الأحوال الشخصية الذي اعتبر أقرباء الزوج بنفس درجة القرابة بالنسبة للزوج الآخر.
إعادة العمل بمبدأ تراكم الإجازات وإقرار مبدأ تدويرها، اقتراح إجازات جديدة منها: مرافقة مريض لمرافقة زوجه أو أحد أبويه أو أولاده للعلاج وذلك بناء على تقرير طبي صادر عن جهة طبية رسمية معتمدة.
كف اليد
اقترح عدد لا بأس به من الجهات العامة إعادة النظر بموضوع كف اليد بشكل عام، واقترحت وزارة النقل وضع نص قانوني يتعلق باعتبار فترة كف اليد بعد صدور قرار الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بالبراءة، خدمة فعلية حيث لا يعترف الجهاز المركزي للرقابة المالية إلا بصدور قرار قضائي بذلك، وارتأت وزارة العدل وضع حلول لموضوع كف يد العامل في حالة التوقيف لسبب كيدي أو في حالة الخطف أو أي حالة طارئة وبيان الآلية القانونية لتسوية وضعه في حال تم تركه أو حصل على حكم قضائي ببراءته.
ترك العمل
حظي موضوع جرم ترك العمل باهتمام عدد من الوزارات، واقترحت وزارة الدفاع عدم معالجته كجرم جزائي.. وإعطاء تعويض بدل أجور نقل للعاملين الذي لا تقدر الجهة العامة على تقديم خدمات التوصيل، وضع ضوابط لموضوع التأمين الصحي للقطاع العام لتحقيق العدالة بين جميع العاملين وتطبيق نظام الضمان الصحي الشامل.
بنهاية الملتقى أكدت الوزيرة أن الهدف من الملتقى ليس السرعة في إصدار القانون، بل يجب أن يأخذ وقته من الحوار والنقاشات، حتى لو تطلب الأمر عقد عدة ملتقيات، لأن ثقافة القانون أهم من القانون.
وتم وضع مجموعة من التوصيات للانطلاق من خلالها بتنفيذ المشروع.