الإبداعَ يوازي التاريخَ ولا يحقّقُه

الملحق الثقافي- د. ياسر صيرفي:                          

لاشكّ في أنَّ أيَّ بنيانٍ جديدٍ أو بقشورٍ جديدة لا بدّ له من أساسٍ أو قاعدةٍ ينطلقُ منها، سواء كانت تلك القاعدة هي نقطة الانطلاق الجديدة ظاهريّاً والقديمة أصلاً، أم كانت قديمةً ظاهراً وأصلاً، وهذا هو حالُ الأدبِ وغيرِه من الفنونِ اليومَ؛ فالأديبُ المبدعُ يحاولُ دائماً أن يستلهمَ التاريخَ بأحداثِه وتشعّباتِه ليصنعَ منها قاعدةَ انطلاقٍ قويّةٍ، فيطرح أفكارَه التي استلهمها من ذلك التاريخ بقالبٍ فنّيٍّ جديدٍ وممتعٍ بعيداً عن أن يوصفَ ذلك المُبدِعُ بالمؤرّخِ، فالأعمالُ الروائيّةُ على سبيلِ المثالِ لا تطرحُ التاريخَ على صفحاتِها كما هو فعلاً بحرفيّةٍ مَقيتةٍ بل إنّها تصوغ ذلك التاريخَ بأسلوبٍ إبداعيٍّ وخياليٍّ يدفع القارئ فعلاً إلى أن يغوص في ذلك التاريخ ويتعمّقَ في مكنوناتِه مدفوعاً وراء تلك الطريقةِ التي صِيغَ بها، وبهذا يفتحُ الآفاقَ أمامَ القرّاءِ نحوَ قراءاتٍ تُوصَف بأنّها تاريخيّةٌ وأكثرُ تنوّعاً وتعمّقاً في التخصُّص، فالمبدعُ اليومَ يقتنصُ لقطاتٍ معيّنةٍ من التاريخِ ثمَّ يعيدُ بنَفَسِهِ الإبداعيِّ صياغتَها من جديدٍ، فيقدّمها للجيلِ كي يستوعبَها بأسلوبٍ جديدٍ يتلاءمُ مع طبعِه وتوجّهاتِه، لكنّنا عندما نتحدّث عن استلهامِ التّاريخِ في الأعمالِ الأدبيّةِ الجديدةِ نقفُ عندَ مشكلةٍ تحملُ بعداً مخيفاً من الخطورة، وهو أنَّ العملَ الأدبيَّ المصبوغَ بصبغةٍ تاريخيّةٍ يعكسُ موقفَ المؤلّفِ، وهنا تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ القارئَ سيحملُ في قراءته الأعمالَ الأدبيّةَ المُستلهمةَ من التاريخِ صفةَ القارئ الناقد، والمؤرّخ الحاذق، فهو يقرأ في سبيلِ الوصولِ إلى المتعةِ التي تبعثُها القراءةُ في القارئِ، لكنَّ ذلك كلّه ضمنَ إطارِ الوعيِ؛ فيدقّقُ المعلوماتِ ويعيدُ البحثَ والتقصّي في مصادرَ مختلفةٍ، وهنا تبدو العلاقةُ بينَ الأدبِ والتاريخِ، فالأدب يهدفُ إلى الجمالِ والمتعةِ، بينما التاريخُ يهدفُ بسهمِهِ الحقيقةَ والموضوعيّةَ، وإن كانَ النقادُ قد أباحوا للمبدعين هامشاً من الحريّةِ في التعاملِ معَ الأحداثِ التاريخيّةِ في أعمالِهم الإبداعية، لكنّنا في الواقعِ نرى كثيراً منهم وقعوا في شباكِ الميولِ والظروفِ السياسيّةِ والأيديولوجيّةِ، وهنا لا بدّ من القولِ بأنَّ «الإبداعَ يوازي التاريخَ ولا يحقّقُه».  

العدد 1185 –16-4-2024       

آخر الأخبار
فعاليات من اللاذقية لـ"الثورة": سيادة القانون والعدالة من أهم مرتكزات السلم الأهلي وزير الاستثمار السعودي يطلع على الموروث الحضاري في متحف دمشق الوطني مذكرة تفاهم سياحي بين اتحاد العمال وشركة "لو بارك كونكورد" السعودية كهرباء ريف دمشق تتابع إصلاح الأعطال خلال يوم العطلة وزير الاستثمار السعودي يزور المسجد الأموي محافظ درعا: استقبلنا نحو 35 ألف مهجر من السويداء ونعمل على توفير المستلزمات باريس تحتضن اجتماعاً سورياً فرنسياً أمريكياً يدعم مسار الانتقال السياسي والاستقرار في سوريا فيصل القاسم يدعو إلى نبذ التحريض والتجييش الإعلامي: كفانا وقوداً في صراعات الآخرين الحفاظ على السلم الأهلي واجب وطني.. والعبث به خيانة لا تغتفر  الأمن الداخلي يُجلي عائلة أردنية علقت في السويداء أثناء زيارة لأقاربها "الصمت الرقمي".. كيف غيّرت وسائل التواصل شكل الأسرة الحديثة؟  عودة اللاجئين السوريين.. تحديات الواقع ومسارات الحل  نائبة أميركية تدعو لإنهاء "الإبادة الجماعية" في غزة وئام وهاب… دعوات للعنف والتحريض الطائفي تحت مجهر القانون السوري الأمم المتحدة ترحب برفع العقوبات عن سوريا وتعتبرها خطوة حاسمة لتعافي البلاد الاستثمار السعودي حياة جديدة للسوريين ..  مشاريع استراتيجية لإحياء العاصمة دمشق  الباحثة نورهان الكردي لـ "الثورة": الاستثمارات السعودية  شريان حياة اقتصادي لسوريا  أهالٍ من نوى يطالبون بالإفراج عن متطوع الدفاع المدني حمزة العمارين   السعودية وسوريا.. من الاستثمار الى إعادة بناء الثقة   جامعة دمشق تتصدر في تصنيف "الويبومتريكس" العالمي