الثورة – رزان أحمد:
قد يخطر في بالنا وأذهاننا في بادئ الأمر أنه مجرد شعور عابر يتعرض له الشخص إذا ما واجه موقفاً مخيفاً أو سماع خبر سيئ لكن نوبات الخوف والهلع هي مرض بحد ذاته تتمثل أعراضه بنوبة مفاجئة من الخوف الشديد يحفز ردود فعل جسمانية تظهر بنبضات قلب سريعة، وضيق في التنفس، شعور بالقشعريرة، شعور الانفصال عن الواقع، ألم في الصدر تقلصات في البطن، هبات باردة وساخنة في أنحاء الجسم، يصاب الإنسان بالحالة العادية مرة أو مرتين بهذه النوبات ولكن إذا استمرت أكثر من ذلك تكون أخذت منحى مرضياً.
عن تداعيات هذا المرض وخلفياته كان لـ”الثورة” هذا اللقاء مع الخبير بشؤون الصحة النفسية والمجتمعية الدكتور باسم يوسف ليحيطنا أكثر عن هذا المرض الذي يبدأ بشكل أساسي في أواخر سن المراهقة وبداية سن البلوغ، ويكون للنساء الحصة الأكبر منه، أكثر من الرجال بنسبة الضعفين تقريباً بسبب حساسية المرأة وعاطفتها المفرطة أحياناً.
ويوضح الدكتور يوسف أن هناك عدة أسباب وجيهة لهذا المرض، أبرزها: التاريخ المرضي للعائلة، فيتأثر الشخص بالعامل الوراثي، أيضاً الضغوط الحياتية الكثيرة، كفقدان شخص عزيز من العائلة أو خارجها، أو تعرضه لمرض خطير، أو حجم التغييرات الكبرى في حياتنا، مثل الطلاق أو ولادة طفل آخر، وترتبط هذه النوبات أيضا بتاريخ من التعنيف الجسدي أو الاعتداء الجنسي في مراحل الطفولة.
حبيس المخاوف
ومن مضاعفات هذا المرض في حال عدم الخضوع لعلاج، يشير الخبير النفسي إلى أنه يؤثر بشكل أساسي على جودة الحياة ويعيش المريض سجين حالته المرضية وحبيس مخاوفه، ويظل في حالة قلق دائم وتهويل من أي عارض صحي، أو مشكلة جسدية يتعرض لها لأنه لا يستطيع الفصل بين العارض الصحي والمشكلة النفسية، فيظل في حالة خوف دائم من مغادرة المنزل أو البقاء وحيداً، أو قيادة سيارته، أو استخدام وسائل النقل العامة، أو الجلوس في الاجتماعات، مما يعيق ممارسة نشاطاته.كما تزداد عنده مخاطر الإقدام على الانتحار.
وفي رده عن كيفية علاج هذا المرض للتخفيف من وطأته لمساعدة المريض بالعودة إلى حياته الطبيعية قدر الإمكان، ينصح الدكتور يوسف المرضى بضرورة الالتزام بنظام دوائي من قبل الطبيب المختص والمثابرة على الجلسات مع الطبيب لتخطي ما يمكن من أعراض هذا المرض، والعودة بشكل تدريجي للحياة الطبيعية، ومن الناحية الاجتماعية لابد من توفير بيئة جيدة وسليمة من قبل العائلة والمحيط لتسريع الشفاء من هذا المرض، كما ينصح بالقيام بالأنشطة البدنية لأنها تساعد على التخلص من الطاقة السلبية.
وانطلاقاً مما تقدم تذكر السيدة اليسار ابتي- كانت من ضحايا هذا المرض- أنه عند إصابتها لأول مرة بهذه النوبة لم تكن تدري ما يحصل لها فقد ذهب فكر المحيطين بها إلى أنها قد تكون مصابة بمرض القلب أو تعاني من أعراض الجلطة، وعند وصولها إلي الإسعاف وإجراء الفحوص اللازمة كانت العلامات الحيوية لديها ضمن الطبيعي، فنصحها الأطباء الذهاب بأسرع وقت لطبيب نفسي مختص، وهذا ما حصل لتكون أولى خطواتها في العلاج، ومع مرور الأيام وتجربتها مع هذا المرض بينت أن العلاج الدوائي وحده لا يكفي، فنحن بحاجة إلى أن نكون أطباء أنفسنا، ونكون على قدر كبير من الوعي للتعامل مع هذا المرض أو مرض آخر يصيبنا، والتخلص من الخوف لأنه من أكبر معوقات الحياة، ولأن الخوف لا يمنع من الموت بل يمنع من الحياة.
نداء للأهل
وبدورنا نوجه نداء للأهل لكيفية التعامل مع أمراض أبنائهم سواء كانت جسدية أم نفسية، وعدم الاستخفاف بالأمراض النفسية لأنها لا تقل خطورة عن الجسدية ونشر الوعي وثقافة التعامل مع هذه الأمراض بشكل إيجابي، لأن الأسرة هي المؤسسة والركيزة الأساسية الذي ينطلق منها الفرد نحو بناء مجتمع معافى وسليم.