عندما تتحدث لشخص عن عمل ما يقول لك: “أعطني أرقاماً، أنا ما بفهم غير بالأرقام، شبعنا كلام نظري” هذا الأمر منطقي ولكن إذا كانت الأرقام صحيحة وإن لم تكن كذلك، فالأمر مشكلة حقيقية على مُصدر الأرقام.
مسألة الأرقام التي تُصدرها الجهات الرسمية تضع الحكومة اليوم أمام حرج كبير مع المواطن، فعندما يسأل مواطن عن سبب عدم زيادة الرواتب وتكون الإجابة بمحدودية موارد الدولة يرد عليك بأرقام جهاتها العامة، حيث علق الكثيرون الأسبوع الماضي على تصريح محافظ حلب بضبط فساد بقيمة 400 مليار ليرة، وعلق البعض أن هذا يكفي لزيادة الرواتب 10 %، وتم ذكر كثير من أرقام إيرادات المؤسسات الحكومية التي لو جُمعت لشكلت رقماً كبيراً ولكن.. هل الأرقام المُعلنة حقيقية ؟ وما هي نسبة الأرباح منها ؟ وماذا يُفيد الإعلان عن أرقام الإيرادات إذا كانت النفقات تقاربها؟ أو الأرباح الحقيقية قليلة جداً بالنسبة للإيرادات؟.
المواطن يتابع الأرقام التي تُعلنها الجهات العامة ويبني عليها القناعات، وبناءً على ما تم الإعلان عنه سابقاً عن ضبط فساد وتحقيق إيرادات لديه قناعة بأن الخزينة ممتلئة بالأموال، والدولة قادرة على زيادة الرواتب بنسبة عالية ودون أي عجز.
هذا التناقض بين التبرير بمحدودية موارد الخزينة من جهة، والأرقام المُعلنة عن ضبط الفساد وإيرادات بعض الجهات من جهة أخرى يضع الحكومة أمام اتهام بعدم الرغبة على تحسين واقع العاملين والمتقاعدين، ويُفقد المواطن الثقة بها.
بالمطلق هناك كثير من الأرقام المُعلنة لحالات ضبط الفساد غير دقيقة ومُبالغ بها بشكل كبير وهي صادرة عن جهات غير رقابية وتقديرية وأولية ولذلك الإعلان عنها بهذا الشكل يلحق الضرر النفسي والمعنوي بالمواطن والحكومة معاً.
تصدير الأرقام بهذا الشكل يشبه إلى حد بعيد الأرقام التي يُطلقها البعض عن الصادرات السورية دون أن نلمس لها انعكاساً على الخزينة.