في اليوم العالمي للعمال.. خلق فرص عمل جيدة أحد تحديات النمو الاقتصادي وفق الهدف الثامن للتنمية المستدامة
الثورة – دمشق – رولا عيسى:
يمر عيد العمال العالمي هذا العام، وسط تباطؤ على صعيد النمو الاقتصادي العالمي، وتضاؤل حصة الفرد من الناتج الإجمالي المحلي، ويبدو المشهد العمالي حول العالم وعلى الصعيد المحلي ليس بأحسن حالاته، خاصة على صعيد الأجور.
أغلب من التقيناهم من العمال في مؤسسات خاصة وعامة اشتكوا ضعف الأجور لقاء الجهد والتعب الذي يقومون به، فالتكاليف المعيشية ارتفعت بفعل التضخم العالمي في أغلب البلدان فما بالكم في بلدنا، وما يعانيه من حصار اقتصادي وعقوبات واحتلال لأهم موارده الاستراتيجية.
وتقول مها مصطفى- سيدة عاملة على أحد خطوط الإنتاج: بدأت منذ عامين بالعمل في القطاع الخاص إلى جانب عملي في إحدى المؤسسات العامة بسبب الظروف المعيشية الصعبة، إضافة إلى أنني أحب العمل وأجد فيه متعة ومردوداً يغنيني عن سؤال الناس أو طلب المساعدة، لكن الدخل لا يتناسب مع جهدي وعملي حتى في القطاع الخاص، وكل يوم نقابل ارتفاعاً جديداً في أسعار بعض أنواع السلع الأساسية، ما يجعل الرغبة في الاستمرار بالعمل تقابل تحديات بين الحاجة وعدم كفاية المصاريف.
ويقول الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي: على الصعيد العالمي، زادت إنتاجية العمل وانخفض معدل البطالة، ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من التقدم لزيادة فرص العمل، وخاصة للشباب، والحد من العمالة غير الرسمية، وعدم المساواة في سوق العمل (ولاسيما فيما يتعلق بفجوة الأجور بين الجنسين)، وتعزيز بيئات العمل الآمنة، وتحسين الوصول إلى الخدمات المالية لضمان استدامة النمو الاقتصادي الشامل.
ويحدد الهدف الثامن العمل اللائق بأنه إتاحة الفرص للجميع للحصول على عمل منتج يدر دخلاً عادلاً ويحقق الأمن في مكان العمل والحماية الاجتماعية للأسر ويكفل مستقبلاً أفضل لتطوير الذات والاندماج الاجتماعي، مشيراً إلى أن تواصل انعدام فرص العمل اللائق، وعدم كفاية الاستثمارات، وقلة الاستهلاك يفضي إلى تضاؤل العقد الاجتماعي الأساسي الذي ترتكز عليه المجتمعات وهو: اقتضاء مشاركة الجميع في التقدم.
التحديات
ويرى الهدف الثامن للتنمية المستدامة أن استمرار انعدام فرص العمل اللائق، وعدم كفاية الاستثمارات، وقلة الاستهلاك يفضي إلى تضاؤل العقد الاجتماعي الأساسي وهو: اقتضاء مشاركة الجميع في التقدم. ولا يزال خلق فرص العمل الجيدة يشكل تحدياً كبيراً لجميع الاقتصادات تقريباً.
ويتطلب تحقيق الهدف الثامن إصلاحًا شاملاً للنظام المالي لمعالجة الديون المتزايدة وعدم اليقين الاقتصادي والتوترات التجارية، مع تعزيز الأجر العادل والعمل اللائق للشباب، من شأن النمو الاقتصادي المستدام والشامل أن يدفع عجلة التقدم، ويخلق فرص عمل لائقة للجميع، ويحسن مستويات المعيشة.
192مليون إجمالي البطالة العالمية
ولابد من الإشارة إلى أنه بلغ إجمالي البطالة المقدر في عام 2022 في العالم 192 مليوناً، فأثر الوباء بشكل غير متناسب على النساء والشباب في أسواق العمل، وشهدت النساء انتعاشاً أقوى في العمالة والمشاركة في القوى العاملة مقارنة بالرجال.
ومع ذلك، لا يزال الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاماً يواجهون صعوبات شديدة في تأمين فرص العمل اللائق، ومعدل البطالة بين الشباب العالمي في عام 2022 أعلى بكثير من معدل البالغين الذين تبلغ أعمارهم 25 عاماً فما فوق.
الاستثمار في التعليم والتدريب
إذاً ووفقاً للهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة ما الذي يمكننا فعله لإصلاح هذه المشكلات؟
يستدعي توفير أفضل فرصة للشباب للانتقال إلى عمل لائق.. الاستثمار في التعليم والتدريب بأعلى جودة ممكنة، وتزويد الشباب بالمهارات التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل، ومنحهم إمكانية الوصول إلى الحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية بغض النظر عن نوع عقودهم، فضلاً عن تحقيق تكافؤ الفرص حتى يتمكن جميع الشباب الطموحين من الحصول على عمل منتج بغض النظر عن جنسهم أو مستوى دخلهم أو خلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية.
كما يمكن للحكومات أن تعمل على بناء اقتصادات ديناميكية ومستدامة ومبتكرة ومرتكزة على الناس، وتعزيز عمالة الشباب وتمكين المرأة اقتصادياً، على وجه الخصوص، وتوفير العمل اللائق للجميع.
يعد تنفيذ تدابير الصحة والسلامة المناسبة وتعزيز بيئات العمل الداعمة أمراً أساسياً لحماية سلامة العمال، وخاصة فيما يتعلق بالعاملين في مجال الصحة وأولئك الذين يقدمون الخدمات الأساسية.