حراك الجامعات في أمريكا وبريطانيا بشكل خاص قلب موازين كثيرة في المشهد السائد في تلك الدول التي ظلت على مدى عقود صامتة شعبياً عن التعبير تجاه فلسطين، وإن تخلل الصمت بعد الخروقات لجداره بين الحين والآخر.
اليوم أصبح الوضع أشبه بخرق جدار الصوت في أكثر الدول الداعمة للكيان الإسرائيلي، فمظاهر الحرب على غزة وقصصها التي ترقى إلى الخيال في الفظاعة والترويع وسفك الدماء أخرجت بركاناً خامداً، برز من فوهة الجامعات، وتحاول السلطات الأمريكية والبريطانية إخماده سريعاً، قبل أن يقذف حممه بعيداً أكثر مما ترسم له واشنطن ولندن.
الرئيس الأمريكي جو بايدن متوتر وهو بلا موسيقا يرقص، ويهذي ويبدو أن أنغام المظاهرات في الجامعات الأمريكية لا تطربه على مبدأ “مزمار الحي لا يطرب” وهو الآن يتحدث عن مبدأين أمريكيين أساسيين، الأول هو الحق في حرية التعبير والحق في أن يتجمع الناس بسلام ويجعلون أصواتهم مسموعة، والثاني هو سيادة القانون.
بايدن من المؤكد سيحاول نسف الأصوات المناصرة لقطاع غزة، وإخماد البركان عبر العزف على وتر سيادة القانون، وسيبرهن للجميع أن بلاده ليست استبدادية فهي سمحت بالمظاهرات، لكن ليس لحد يزعج كيانه في الأراضي المحتلة، وبات إسكات الأصوات المعارضة واجباً سيادياً يروج له بايدن، لذلك أطلق الشرطة نحو المحتجين في جامعة كاليفورنيا ولوس أنجلوس، واستخدمت شرطته الرصاص المطاطي لفض المخيمات في الجامعات وطرد المتظاهرين المتضامنين مع الفلسطينيين، وهذه قمة الديمقراطية التي يتغنى بها بايدن، والسقف المسموح لها أن تصل إليه.
منهل إبراهيم