على أهمية الأرقام والمؤشرات التي عرضها رئيس الحكومة أمام مجلس الشعب أمس، أقله بالنسبة للحكومة نفسها وتصنيفها ربما تحت بند الإنجازات، إلا أنها مرت مرور الكرام بالنسبة لكل من اطلع عليها، وقد يدرجها الكثيرون أيضاً في خانة التكرار والضرورة التي تتطلبها مثل هذه اللقاءات، ولكنها دون شك بالنسبة للمواطن لا تصرف ولا يتوقف عندها طالما الواقع الاقتصادي والمعيشي والخدمي بحالة تراجع ومعاناة مستمرة.
بالنظر للواقع الصعب الذي تواجهه سورية لعوامل كثيرة باتت معروفة للجميع، نعم ليس من السهل على أي حكومة العمل وتنفيذ خططها وبرامجها كما تريد وبما يلبي طموح المواطنين ويبيض صفحتها ويبعدها عن سهام الانتقاد اللاذع، ولكن المؤكد أيضاً أن تحويل هذا الواقع الصعب بكل تحدياته لفرصة توظف من خلالها الجهات التنفيذية إمكاناتها ومواردها القليلة بشكل صحيح ومحقق للجدوى ويخدم قطاعات وملفات تواجه قائمة طويلة من الأزمات والمشاكل منذ سنوات فاتورة منعكساتها السلبية على الاقتصاد والمواطن تتصاعد لأننا ما زلنا ندور بدائرة الحلول التقليدية المعتادة دون العمل أو بذل مجهود لكسرها وتبني سياسات وأفكار وحلول تتوافق مع ظروف المرحلة وطبيعة وواقع كل ملف أو قطاع، والأهم أن تبحث عن الاستثمار الأمثل للكوادر البشرية المتميزة والموجودة بكل مكان لتلقف خبرتها ومقترحات لتجاوز العيد من العراقيل.
لا يوجد حاجة في الوقت الحالي تعادل أهمية وجود رقم إحصائي دقيق وبكل المجالات لأنه بناءً عليه تبنى القرارات الصحيحة عليها، وكلما كان معدل الصحة والدقة بهذا الرقم بعيداً عن الواقع كانت نتيجة القرارات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها صعبة، وللأسف هذا ما حصل أقله خلال السنوات الأخيرة، إذا كانت غالبية المؤشرات والأرقام المتداولة محط تشكيك ورغم هذا تعتمد وتصدر قرارات بناءً عليها ندفع ثمنها غالياً حتى اللحظة.
ضمن هذا الوضع وما يؤكده واقعنا الاقتصادي والمعيشي الصعب والذي لا يبشر ربما بحالة تغيير أو تحسن فيه في المدى المنظور، خاصة مع إصرار الحكومة على التوجه للخيارات الأصعب كما وصفتها، وهي خيارات سببت ولا تزال تسبب ضغطاً كبيراً على المواطنين، إلا أن العديد من المؤشرات والمعطيات وحالة التغيير ليس فقط بالأشخاص وإنما بالسياسات والإجراءات والحلول والرؤى المختلفة في المعالجة التي بدأت ملامحها تظهر، وربما تتوضح أكثر في قادم الأيام تدعونا للتفاؤل لأننا وقبل كل شيء نؤمن بعظمة بلدنا وقدراتها وقيمة ومكانة الإنسان السوري الخلاق والمبدع.
السابق
التالي