الظّروف الماديّة وَأَدَت أحلامهم ..أطفال ويافعون في معترك سوق العمل

الثورة-منال السماك:
لم يدع مجالاً للشك بتمرسه بالعمل، يبدو لؤي- حسبما كان يناديه سائق الباص- كأنه رجل كبير قد عركته الحياة من دون رحمة، فاكتسب خبرة سنوات بالتعامل مع الناس، لم يصمت للحظة أو يهدأ لبرهة، فجعل ركاب الباص يظنون أنفسهم طلاباً في المدرسة، وهو المسؤول عن تنظيم الصاعدين والنازلين وحتى الواقفين، كان صوته أكبر من عمره الذي لم يتجاوز الثالثة عشرة تقريباً، وتوجيهاته للانتظام بالوقوف وإفساح الطريق، وإعلان المواقف للنزول، تدل على فن التعامل في سوق العمل، وتنم عن حنكة وذكاء اجتماعي بإلقاء الأوامر بطريقة حازمة ولطيفة لفتت الركاب، فكان يستجيب لتعليماته الجميع من دون اعتراض أو امتعاض.
مساعدة الأهل
في مكان آخر حيث نثرت الأزمة الكثير من الأطفال في سوق العمل، كان شادي سيد الموقف في البقالية، وبمهارة حسابية سريعة جمع ثمن المشتريات ووضبها ضمن أكياس، كان قد حفظ الأنواع والمواصفات كخبير يلم بالتجارة والترويج والإقناع، قامته الصغيرة وجسده النحيل يفصح عن عمره الذي لا يتجاوز الثانية عشرة، يقول شادي: تركت دراستي رغم تفوقي وثناء المدرسين على تحصيلي وتفوقي، ولكن والدي مريض ولا يستطيع العمل، وكان من الصعب أن أعمل طول النهار وأدرس، لذلك أعمل من الثامنة صباحاً حتى العاشرة ليلاً في بقالية بجانب بيتي.
نفقات الدراسة تثقلهم
بينما كان الشحم والزيت يكسو ملابس زين، وتشوه ملامح وجهه الذي تطل منه طفولة وخيبة أمل بحلم لن يتحقق برداء أبيض وسماعة طبيب، وكانت يداه الصغيرتان منهمكتان في مساعدة رب عمله، الذي لم يكن يهدأ عن توبيخه والصراخ عليه، كان يريد إتقان مهنة ميكانيك السيارات كمهنة ستكون سبيله لجني المال مستقبلاً، عوضاً عن متابعة دراسته التي تحتاج لسنوات طوال، لن يقوى عليها صبراً خاصة وأن راتب والده لا يكفي لنفقات البيت ومستلزمات الدراسة من قرطاسية ولباس وحقائب ودورات تعليمية، لم ينكر رب عمله مهارته وسرعة تعلمه وإتقانه للكثير من المهارات في صنعته، والتي تحتاج حسب تعبيره لفتى ذكي سريع الفهم.
هدر لطاقاتهم وضياع لمستقبلهم
حال هؤلاء اليافعين هو حال الكثيرين ممن ألقتهم الظروف المعيشية خارج أسوار المدرسة، لينخرطوا بسوق العمل باكراً، فبتنا نراهم في أماكن العمل على اختلاف أنواعها يعملون بجد لجني ما يعين أسرهم على مواجهة عاتيات موجات الغلاء، ربما نأسف على فقدانهم فرصة التعليم، وخسارتهم لمستقبل ربما كان مضيئاً يناسب مقدراتهم العقلية التي تكشف عن نفسها بالخبرة وإثبات الذات في سوق العمل، والمهارة في إتقان المهن وممارستها.
والمؤسف أكثر أن من غادروا مقاعد الدراسة باكراً وتسربوا من الحرم المدرسي، ليسوا بالضرورة ممن فشلوا دراسياً، أو ممن لا يتمتعون بذكاء وقدرات عقلية عالية، فالبعض منهم ضحوا بمتابعة التحصيل العلمي لدفع الفقر عن أسرهم التي داهمها الجوع وعدم الاستقرار المادي، فكانوا هم كبش الفداء مرغمين لا خيار لهم.
أحلامهم سراب
إنهم أزهار يانعة نبتت في بيئة لا تتوافر فيها الشروط المادية لمتابعة التحصيل العلمي، ربما لو كانت الظروف المادية أكثر أماناً وبحبوحة، لكان لؤي محامياً يجهر صوته في قاعات المحاكم ينصر مظلوماً، أو مدرساً مقتدراً يحمل راية علمه في صفوف المدارس، وقد يكون شادي في المستقبل لو تابع تعليمه محاسباً في مصرف أو شركة أو خبيراً اقتصادياً يساهم في وضع خطط تسهم بازدهار وطنه، ولو كانت ظروف زين أفضل مادياً واستمر على مقاعد الدراسة ربما حقق حلمه كطبيب ماهر داخل عيادة وجراح في مستشفى..
إنها أحلام يافعين وأدتها ظروفهم المادية وضيق حال أسرهم، فكان خيارهم بالتخلي عن الأحلام ليدخلوا معترك الحياة كرجال صغار تثقل المسؤولية قاماتهم الصغيرة قبل الأوان.

آخر الأخبار
وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات إجراءات لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في بلدة حلا مفاعيل قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة على سوق البيع باللاذقية  الاستثمار في الشركات الناشئة بشروط جاذبة للمستثمر المحلي والدولي  سوريا.. هوية جديدة تعكس قيمها وغناها التاريخي والحضاري الهوية البصرية للدولة.. وجه الوطن الذي نراه ونحسّه  تطبيق "شام كاش" يحذر مستخدميه من الشائعات تأهيل مدرسة "يحيى الغنطاوي" في حي بابا عمرو أهال من جبلة لـ"الثورة": افتتاح المجمع الحكومي عودة مبشرة لشريان الخدمات فتح باب الاكتتاب على مقاسم جديدة في حسياء الصناعية