الثورة – دمشق – مريم إبراهيم:
بمشاركة أساتذة وباحثين اقتصاديين وحضور طلاب الدراسات العليا في الكلية وعدد من المهتمين بالشأن الاقتصادي ناقشت الندوة الحوارية التي أقيمت اليوم في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق تحت عنوان “التشاركية بين القطاعين العام والخاص في الاقتصاد الوطني” خمسة محاور هامة حول التشاركية كمفهوم وطبيعة التشاركية ومتطلباتها الاقتصادية، والتشاركية كخيار تنموي، وقراءة في السياق التاريخي للتشاركية والتجربة السورية في هذا المجال، والرؤية المستقبلية لتفعيل التشاركية في سورية.
تحديد أدوار..
الدكتور عدنان سليمان بين في محاضرته خلال الندوة حول مفهوم التشاركية بين القطاعين العام والخاص والقانون رقم (5) لعام 2016 الناظم للتشاركية في سورية من حيث الأهداف والتعليمات الناظمة له، فالتشاركية يفهم منها بأنها أحد أشكال التعاون والشراكة الاستراتيجية للاستثمار والتمويل التنموي بين القطاع العام والخاص، ولها دور في تعزيز وتنمية دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني بما ينسجم مع إعادة هندسة دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي.
ولفت الدكتور سليمان إلى أن توجه الدولة الحالي هو إعطاء المزيد لدور القطاع الخاص في إقامة مشاريع المرافق العامة والبنية الأساسية وإدارتها، وإعادة بناء فلسفة التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال إعادة تحديد دور الدولة ومسؤولياتها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية لجهة الفعالية والكفاءة والانتماء الكمي التفاعلي.
تقييم التجارب..
وأوضح الدكتور رسلان خضور في محاضرته حول الرؤية المستقبلية لتفعيل التشاركية بين القطاعين العام والخاص في سورية أن نقطة الانطلاق لمشاريع التشاركية المستقبلية تكمن في تقييم التجارب السابقة في عقود التشاركية لمعرفة نقاط والقوة والضعف في هذه العقود، ولكي تنجح التشاركية ويكون لها آثار إيجابية على مستوى الاقتصاد الوطني يجب أن تكون الدولة قوية وقادرة على التشريع غير المنحاز والتنظيم والإشراف والضبط وخلق البيئة التنافسية لمن يدير المرافق العامة، ونجاح التشاركية يكون من خلال اعتماد الجدوى الاقتصادية عند توزيع المهام والأدوار بين قطاع الأعمال الخاص والعام وأن يكون الفريق الحكومي المفاوض يتمتع بالكفاءة والخبرات والتنوع للحد من عقود التشاركية الفاسدة والحفاظ على حقوق الدولة، فضلاً عن أهمية إجراء دراسات جدوى اقتصادية جدية وذات مصداقية وشفافة لمشاريع التشاركية، مع أهمية استحضار روح مشروع جر مياه عين الفيجة في عشرينيات القرن الماضي في مشاريع التشاركية المستقبلية.
ضوابط وشروط..
وقدم الدكتور هيثم عيسى قراءة في تاريخ التشاركية في العالم وتطور صيغها، موضحاً أن التشاركية ظهرت لأول مرة في سياق فكر اقتصادي يهدف إلى تعميق النهج الرأسمالي على حساب منافسه الماركسي، وكذلك في سياق عملي مصلحي يهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن الموازنة العامة ودافعي الضرائب، كما تناول في محاضرته التجربة السورية في موضوع التشاركية مؤكداً عدم وجود دراسات جدوى اقتصادية حكومية معتمدة لكل المشاريع التي تطرح سواء وفق قانون التشاركية أو غيره، وضرورة تقييم تجربة التشاركية بشكل جذري.
وأكد الدكتور عابد فضلية ضرورة أن تكون التشاركية ضمن ضوابط وشروط عادلة تحفظ الحق الخاص والعام بنفس القدر، دون الإخلال بين دور الدولة والقطاع الخاص الذي يجب أن يكون متوازناً تشريعياً وفنياً من حيث النشاط والوزن، معتبراً الشركات المساهمة العامة هي الشكل الأفضل المؤسسي لأي بنية اقتصادية مؤسسية باعتبارها شركات يسهم في أموالها مئات الأشخاص وتوزع أرباحها سنوياً، وفيها حوكمة وشفافية وتخضع لرقابة مشددة ومنطقية.
ولفت الدكتور أحمد الصالح إلى أن مفهوم الشراكة الاقتصادية كخيار تنموي يأتي في سياق فهم ماهية اتجاه النمو وعمقه وأقطابه، وفي الحالة السورية القطاع التعاوني قد يكون حلاً مساعداً لكثير من المشكلات المطروحة على أساس الشراكة، وأن الشراكة الاقتصادية في سورية موجودة أكثر في قطاع الخدمات، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تعزيزها في القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الزراعة والتنمية الريفية والابتكار وغيرها من المجالات الأخرى.
وتندرج هذه الندوة الحوارية ضمن سلسلة الندوات الاقتصادية التي قرر قسم الاقتصاد في الكلية إقامتها تباعاً لمناقشة مجمل القضايا والمشكلات الاقتصادية المطروحة على الساحة المحلية والعربية والدولية، وتتضمن المناقشات المستفيضة وطرح الآراء والمقترحات من الباحثين والمختصين للوصول للنتائج المرجوة من هذه المناقشات والندوات وبما يساهم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.