محمد شريف الجيوسي – كاتب فلسطيني:
تزويد إسرائيل بمزيدٍ من أسلحة الدمار الشامل سيضاعف الحواضن الشعبية للمقاومة والتعاطف الإقليمي والدولي وسيبيع الفلسطينيون حلي نسائهم وشراء السلاح من أي مصدر.
وارتباطاً بهذا فقد صادق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون يمنع الرئيس الأمريكي (أي رئيس أمريكي) بمنع أو وقف تجريد “إسرائيل” بالسلاح وخلال أقل من 48 ساعة تم تزويد تل أبيب بشحنات أسلحة جديدة ويمثل هذا القرار عدم إدراك واشنطن انه رغم مرور 7 أشهرٍ على حرب الإبادة التي شنتها “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني بغزة لم تمكنها من اجتثاث المقاومة.
حيث إن واشنطن تجهل كما يبدو أن المقاومة في غزة جزء يسير من المقاومة الفلسطينية وأن فلسطينيي غزة جزء من الشعب الفلسطيني وأن قطاع غزة هو الجزء الأصغر من التراب الوطني الفلسطيني وأن تزويد “إسرائيل” بأسلحة الدمار الشامل سيساعدها على استكمال حرب الإبادة ضد فلسطينيي غزة المدنيين، ما يضر المدنيين الذين سيُبادون في هذه الحرب الإسرائيلية الهمجية على بيع حلي نسائهم وشراء السلاح حتى لو من مصادر جيش الاحتلال الإسرائيلي الفاسد، وقد سبق لهم ذلك والانضمام للمقاومة، فالموت مقاتلاً أشرف وأكرم من أن يموت هكذا بأسلحة الدمار الشامل التي تقدمها أمريكا والغرب لـ “إسرائيل” ويدفن في المقابر الجماعية.
إن حرب الإبادة ثوّرت الشعب الفلسطيني بل وثوّرت الشوارع العربية كافة وبل وفي الولايات المتحدة أيضاً، أمريكا تجهل أن المقاومة الفلسطينية ليست غزة فحسب وهي ممتدة زمنياً منذ أكثر من قرن وستبقى كذلك حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني واستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه كاملةً وعودة فلسطينيي الشتات إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم وبيوتهم، وهو بالمناسبة قرار أممي لم ينفذ لانحياز الغرب المطلق لـ “إسرائيل” واعتباره المطالبة بذلك عداء للسامية وهو زعمٌ كاذبٌ وغير حقيقي وغير نزيه، فالعرب وضمنهم الفلسطينيون من أصولٍ سامية بلا منازع بينما يهود اليوم في كثيرٍ منهم ليسوا ساميين حيث اعتنق اليهودية العديد من الشعوب والأقوام والقبائل ومنهم القبيلة الـ13 (البحر الأسود).
يُفترض أن لا يعني رفض معاداة السامية أيضاً رفض معاداة العرب واستعمار بلدانهم وتقسيمها واحتلال فلسطين.
يذكر هنا أن الحركة الصهيونية تعاملت مع النازي هتلر وتولت مسؤوليات عليا في اضطهاد يهود ألمانيا لإجبارهم على الهجرة لفلسطين (وهنا تلاقت مصلحتان، مصلحة هتلر في الخلاص من اليهود لأنهم تعاونوا مع بريطانيا ضد ألمانيا ولأن أعداداً كبيرة منهم “كالغجر” في مخالفة القانون الألماني) واستثمرت الحركة الصهيونية ما أطلق عليه المحرقة لابتزاز ألمانيا وأمريكا وبريطانيا وفاقت النازية في ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني وادعت أنها سامية وهي ليست من السامية بشيء بل حاربت السامية.
إن تزويد “إسرائيل” بأسلحة الدمار الشامل لن يحقق لها نصراً بل سيكرس أكثر الحواضن الشعبية للمقاومة واتساعها مكانياً وديموغرافيا، فالجيوش مهما بلغت من عدد وعتاد وعُدة لا تنتصرُ في مواجهةِ المقاومة وهذه حقيقة ثابتة في كل مكان، بل إن المقاومة عندما تستدرج الجيوش لحرب مواجهة برية فإنها تغرقها في فشل ذريع ومخاضاتٍ لا خلاص منها.
ولا تدرك “إسرائيل” أن الاستمرار بحربها العدوانية سينقلب عليها، لأن الشعب الفلسطيني والمقاومة سيكتسب المزيد من التضامن والتعاطف الإقليمي والدولي كما أن إيغال الاحتلال في الحرب البرية سينقلب عليها وبالاً.