الثورة- منال السماك
ربما ضاقت بهم الحال في ظل ضغوطات مادية فرضت نفسها بقسوة، ولم يجدوا من الأهل والأصدقاء والمعارف من يقف معهم في ضائقتهم المادية الطارئة، فكانت صفحات الفيسبوك ملاذهم الأخير لطلب مساعدة علنية، واقتراض مبلغ مالي لإجراء عملية جراحية أو شراء دواء أو طعام أو دفع أجرة بيت أو فتح مشروع متواضع.. ربما يصل المبلغ المطلوب إلى ملايين الليرات السورية، وذلك من أشخاص يجهلونهم وبضمانات هي وعد وحلفان يمين، وعرض ضمانات ربما لا يملكونها، أو الاستعداد للتوقيع على بياض، في مخاطرة غير محسوبة النتائج، وما إن يعرض المنشور على صفحات الفيسبوك حتى تنهال التعليقات السلبية، متهمة صاحب المنشور بالاحتيال وعدم المصداقية، واصفين المنشور بأنه طريقة جديدة للنصب، وذلك في إشارة ضمنية إلى صعوبة تحصيل الدين، ضمن صورة نمطية شوهت العلاقة بين الدائن والمدين.
بالمقابل هناك الكثير من الأشخاص قد تكون لديهم الرغبة في تلبية طلب من هم بحاجة لدين، ولكنهم يتوجسون خشية ضياع حقوقهم المادية، ودخول معترك المحاكم، في سبيل تحصيل الدين من المدين، إذا ما الطريقة المثلى لضمان حقهم في هذه الحالة؟
علاقة مثبتة بسند رسمي
لمعرفة رأي القانون في هذا الموضوع التقت «الثورة» المحامي نشأت الحج، والذي أوضح أن الطريقة المثلى والتقليدية لضمان الدين بين الدائن والمدين، هي تنظيم وثيقة بالعلاقة الحقيقية أمام موظف رسمي مختص بهذه الأمور وهو الكاتب بالعدل، وتصبح العلاقة مثبتة بسند رسمي، له قوة ثبوتية أقوى من السند العادي، الذي ينظمه الأطراف فيما بينهم، ويحتاج السند العادي إلى وقت وجهد لإثباته أمام المحكمة، وقد يفسح المجال أمام الأطراف الكثير من الدفوع والطلبات والطعون بصحته ما يسبب إطالة أمد التقاضي.
وعن الضمان الحقيقي لضمان الدين أوضح الأستاذ الحج بالقول: كرجل قانون أنصح الدائن أن يضع إشارة رهن بقيمة الدين على ملكية المدين، كعقار أو سيارة، وبالتالي يستطيع في حال تمنع المدين عن الوفاء بدينه أن يعرض هذه الملكية بموجب إشارة الرهن للبيع بالمزاد العلني، لتحصيل الدين مع فوائده المقررة قانوناً.
لا للتوقيع على بياض!!
ولفت المحامي الحج إلى موضوع في غاية الخطورة قد يقع بها المدين وهي التوقيع على ورقة فارغة أو سند أمانة فارغ تنظم العلاقة بين الطرفين، فقال: إن هذه الطريقة فيها من المخاطر الكثير، فقد يتعرض المدين الذي وقع على بياض للحبس، وإلزامه بتنفيذ الذي يختاره الدائن في الورقة الفارغة، وقد يجد المدين نفسه أمام التزام قد لا يستطيع تنفيذه، أما الدائن الذي يلجأ إلى هذه الطريقة، فربما يفقد حقه في حال لم يكن للمدين أي أملاك للحجز، ولا يوجد أمامه إلا حبس المدين، وحتى الحبس لا يفيده في حال تنفيذ العقوبة دون القيام بدفع الالتزامات، أو في حال سافر المدين للخارج قبل تنفيذ العقوبة.
التعامل القضائي
وعن الآلية المتبعة في المحاكم لتحصيل الدين فأوضح المحامي الحج أنها تتعلق بنوعية السند أو الإثبات الذي يقدمه المدعي لتحصيل حقه، ففي حال كان السند ديناً عادياً غير منظم أمام الكاتب بالعدل، فيحتاج إلى إثبات بالطرق القانونية، وبالتالي أمام الأطراف الكثير من الدفوع والطلبات وهدر الجهد والوقت.
وتابع بالقول: إذا كان السند سند أمانة، فأمام المدعي في حال كان السند رسمياً مصدقاً أمام الكاتب بالعدل، فيتم اللجوء إلى مديرية التنفيذ لتنفيذ السند وإلقاء الحجز الاحتياطي على أملاك المدين، لإلزامه بدفع التزامه مع التعويضات والفوائد القانونية المثبتة، والتي طالب بها المدعي.
القانون يحمي صاحب الدليل
ونوه أيضاً بأنه يلجأ الأغلبية إلى تنظيم سندات أمانة، لكن العلاقة ربما لا تكون أمانة إنما دين عادي أو بالفائدة، أو تكون علاقة تشغيل أموال أو علاقة إيجارية، وفي هذه الحالة فإن القضاء يستند في حكمه على القانون، الذي شرع وسائل إثبات الوقائع لحماية الحق، ولكن في الحقيقة إن القانون لا يحمي صاحب الحق بالمطلق، وإنما يحمي صاحب الدليل الصحيح، فإذا كان صاحب الحق لا يملك دليلاً يثبت حقه، فإن هذا الحق يتعرض للضياع.
نصيحة..
وأخيراً توجه المحامي الحج بنصيحة مفادها.. على كل صاحب حق لضمان حقه أن يلجأ لأصحاب الشأن القانوني لتنظيم العلاقة وإثباتها بالأدلة الصحيحة لحماية حقه المشروع.