الثورة – رانيا حكمت صقر:
فسيفساء فنية تجمع بين الغزارة الإبداعية للفنانين من أجيال متنوعة ويبرز التنوع في الأساليب الفنية من الواقعية إلى التجريدي ضمن المعرض التشكيلي “جذر وفروع” الذي أقيم ضمن جمعية العاديات فرع اللاذقية، وشارك فيه مجموعة من الفنانين 22 فناناً و28 عملاً.. من أجيال مختلفة تتنوع أساليبهم ما بين الواقعية والتجريد.
رئيس مكتب المعارض الفنان والباحث حسين صقور تحدث لـ “الثورة” عن محاضرته المرافقة للمعرض، لافتاً إلى أن أعلام الثقافة الخلاقين والخلوقين هم الكنوز الحقيقية للوطن والإنسانية.. ونحن حين نتحدث عنهم في احتفالاتنا نتكرم بسيرهم أما حين نتابع ما بدؤوه في رفد الثقافة الإنسانية حينها فقط نحن نكرمهم.. وأنا آثرت هنا أن يكون المعرض ومحاضرتي رفداً نوصل من خلالها فكرة علها تكون إضافة جديدة، والمعرض لروح الباحث محمد قجة.
وعن سبب تسمية المعرض بهذا الاسم يقول منظم المعرض حسين صقور: للثقافة جذر وفروع وهي كما شجرة مطعمة بمختلف أنواع الفاكهة الشهية لكل غصن نوع ولكل نوع فرادته وخصوصيته، لهذا سعيت أن تضم معارضي فئات عمرية مختلفة من فنانين رواد وفنانين شباب، والحقيقة أن مهمة جمع الفنانين من أجيال مختلفة مهمة صعبة وليست يسيرة فغالبية أصحاب التجارب الطويلة يخافون على اسمهم ومكانهم ومكانتهم في عالم الفن ويسألون عن المشاركين في المعرض.
أما أنا فأجد أن الفن سلسلة متصلة ومتواصلة وأن مهمتي ليست في تقديم عملي الخاص بي إنما في مد يد العون للتجارب الصاعدة لترتقي وهي الأمل والمستقبل، وبالمقابل لا أقبل أن يختلط الحابل بالنابل فأجد الطريقة المناسبة لتقديم الفنانين المشاركين وبهذا أرضي جميع الأطراف ويبقى ما أقوم به له مبرراته، هناك فنانون لهم أسلوبهم الخاص الذي عرفوا به ولهم تجربتهم الطويلة وهناك من يتلمسون طريقهم وطريقتهم وغاية هذا الجمع هو تحفيز جيل الشباب على المزيد من العطاء وتحريض وتثمين التواضع والتعاون في نفوس الأجيال.
وتابع صقور: ضمن محاضرتي قدمت تحليلاً لذاك الصراع ما بين أنصار الواقعية والتجريد، ذاك الذي حرك عجلة الفن ضمن اتجاهات عدة تتعاكس وتتقاطع وتتوازى وفق مفهوم كل فنان لماهية الفن والغاية منه، وأنا أقول يمكن أن نشبه العمل الواقعي بمفهومه الأكاديمي بطبخة تتضمن كميات مدروسة لكل أنواع الخضار والحبوب والمنكهات، والعمل التجريدي هو لعبة الطباخ وقدرته على ابتكار طبخات بطعوم جديدة من بعض ما تتضمنه الطبخة الأولى، وهنا تكمن القيم الإبداعية في العمل التجريدي وفي قدرته على التنوع، هذا التشبيه يفرض تساؤلات تتعلق بمدى قدرة الفنان الواقعي على رسم عمل تجريدي، وأنا أوضح في محاضرتي المسلك وآلية العمل والتفكير الذي يفترض أن يتحلى بها الفنان الواقعي ليقدم عملاً تجريدياً ناضجاً.
ما بين الواقعية والتجريد أقول: إن قيمة العمل مرتبطة بقدر ما يحمله من فرادة وبقدر قدرته على عكس شكل الزمان والمكان الذي ولد فيه، وأكثر من هذا قدرته على امتلاك الحدس ليكون سابقاً لزمانه، وهنا تكمن قيمة الإبداع.. التطور في علوم الفيزياء والضوء ودخول آلة التصوير فرض مفاهيم جديدة على ماهية العمل التشكيلي والغاية منه، وهذا يفرض على الفنان الواقعي أن يقدم ما هو أبعد من الشكل الظاهري وعبر تقنيات غير مسبوقة عالمياً.
فعمل الفنان الواقعي إن لم يحمل قيماً جديدة ومختلفة سيبقى مغموراً بآلاف الأعمال الواقعية القادمة من زمن سابق، في الوقت الذي تفرض فيه طبيعة التطور البشري أن يطفو الأحدث فوق سابقه.. وأرجو ألا يفهم كلامي هذا تحيزاً لأسلوب على حساب آخر، أنا أتحيز للعمل الناضج والإبداعي ويمكن أن يحقق العمل الواقعي الفرادة والدهشة في أسلوب المعالجة، ويوصف حينها فقط بأنه إبداع بالمقابل العمل التجريدي بحاجة لمتلقٍ واسع الاطلاع ومواكب لتجربة الفنان وقادر على تلمس مكامن الإبداع.