الثورة _ رويدة سليمان:
بين السبابة والوسطى تنتصب لفافة التبغ لتحرق الأجساد والجيوب ولتحرم أطفالاً أدمنوها براءتهم وتمتعهم بالحيوية والنشاط، متحدية الجهود الإعلامية والتربوية والدينية التوعوية.. وتتسع هذه الظاهرة في صفوف الأطفال غير عابئين بنظرة سخرية أو استخفاف من الآخر الذي ربما لا يتجرأ نصحهم أو زجرهم، ولا رادع قانوني على أب مدخن يعبق منزله برائحة دخانه وتمتلئ المنافض بأعقاب سجائره وغير مكترث لضحايا هم أفراد عائلته، وقد أصبحوا مدخنين سلبيين يعانون من الأمراض والأوجاع من رائحة دخان استعمرت أجسادهم.
تنشط الندوات والمؤتمرات والنداءات والتوصيات في اليوم العالمي لمنع التدخين والذي يصادف آخر يوم في الشهر الحالي، وذلك للإقلاع عن التدخين وتقليص هذه الظاهرة من خلال تسليط الضوء على آثاره السلبية والمميتة مع وجود إحصاءات تبين ذلك وغالباً ما يتم التركيز على الأطفال والمراهقين، ويغيب الرادع الأسري والآباء القدوة، وكذلك الضمير المستتر عند بائع لا يجد غضاضة في تزويد هؤلاء الصغار بالسم الزعاف.
في أحد ورشات العمل للهيئة السورية لشؤون الأسرة يصرح يافعون بقولهم ..»تحدي الأهل هو أحد أسباب التدخين فمع أن أبي يوبخني كلما دخنت لكنه هو دائماً يدخن ولا يعلم أن كل ممنوع مرغوب.. إننا ندخن أحياناً بسبب الملل ويساعدنا على ذلك الوصول السهل والرخيص إلى هذه المواد».
من عجز وجهل بعض الآباء وقلة حيلتهم وتهربهم من مسؤولياتهم التربوية، قد يسمحون لأبنائهم بالتدخين وعلى مرأى عيونهم وأبوتهم من منطلق أفضل من تعاطيهم التدخين مع رفاقهم في الخفاء وذلك العذر الأقبح من ذنب، مع العلم أن فقدان الرعاية والمتابعة الأسرية هي أهم أسباب تدخين الصغار.
ربما يسأل أحد هؤلاء اليافعين مدمني التدخين ليبرأ لفافة التبغ من تهمة التشوه الاجتماعي والصحي فيقول: أعرف الكثير من كبار السن يدخنون منذ سنوات ومازالوا على قيد الحياة، ويضربون بالأمثال والحكم عن سنوات عمر يحددها القضاء والقدر، وكل ذلك ليبرروا وهمياً لأنفسهم إدمانهم التدخين، والحقيقة التي تؤكدها التجارب الحياتية أن التدخين يشل التفكير ويقعد المدخن عن ممارسة هواياته وتحقيق طموحه ويضيع عليه فرص كثيرة لتطوير حياته المهنية والأسرية، وتؤكد الحقائق العلمية أن بين كل ست مدخنين هناك احتمال قائم بموت أحدهم بمرض له علاقة مباشرة بالتدخين، وهناك ضحايا بالملايين في العالم.
من جديد وفي اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، يجب محاولة الإقلاع عن هذه العادة بالتسلح بالإرادة والوعي والاستعانة بعيادات تمكينية موجودة لمساعدة من يرغب بذلك وطلب المشورة والدعم الدوائي والنفسي.