الثورة – خلود حكمت شحادة:
في معظم الأحيان نسمع شكوى الأمهات من عدم تركيز الأبناء في حاجياتهم الضرورية أو حتى نسيان أشياء بسيطة تخص حياتهم اليومية، وربما طلب صغير ينسونه في الحال، وبالمقابل نراهم أذكياء متفوقين في دراستهم وعملهم، يمتلكون مهارات وملكات الحفظ والحلول الرياضية والاستقراء بشكل أسرع من سواهم، لذلك يراودنا شعور بالإحباط عند رؤية أطفالنا يملكون قدرات ذهنية لفهم الرياضيات، أو تعلم اللغات، وعاجزين عن أداء أمور يومية لا تحتاج إلى مجهود ذهني، كترتيب غرفهم.
المشكلة ليست في قدرتهم على الاستيعاب بل في قدرتهم على تنسيق سلوكهم لفعل شيء معين، بمعنى أدق لا يستطيعون استخدام ذكائهم بالشكل المناسب لافتقارهم إلى ما يسمى بالمهارات التنفيذية والتي هي مهارات قائمة على الدماغ، ومطلوبة لأداء المهام.
هذا ما أوضحه لنا الاختصاصي في علم نفس الطفل المراهق الدكتور أحمد العقلة، مضيفاً أن المهارات التنفيذية تنقسم تبعاً لدورها إلى قسمين مهارات التفكير وتشمل: الذاكرة العاملة المسؤولة عن الاحتفاظ بالمعلومات، ومهارات التخطيط والتنظيم وإدارة الوقت وإدراك الإدراك أي القدرة على إلقاء النظر على النفس في موقف ما لمراقبة السلوك أو طريقة حل المشكلات ومهارات السلوك وتشمل القدرة على التفكير قبل التصرف بمعنى كبح رد الفعل والسيطرة على الانفعالات وإطالة الانتباه وبدء المهمة والمثابرة نحو الهدف والقدرة على تعديل الخطط لمواجهة العقبات.
وبالنظر إلى نقاط ضعف أطفالنا سنُدرك أن المواقف اليومية التي تسبب خلافاً دائماً بيننا تحتاج إلى مهارات يفتقرون إليها فعندما يكون الطفل ضعيفاً في مهارة ما قد لا يُدرك مدى تأثير ذلك وسوف يشعر بأن انفعالنا بشأن هذا الأمر مبالغ فيه والعكس بالعكس، ما يؤدي إلى وجود خلافات مستمرة ويجعل المنزل متوتراً وهذا يعوقهم عن تنمية مهاراتهم.
هناك بعض النصائح ذكرها لنا الدكتور العقلة تزيد من فرصة نجاح التربية في تلك الحالات كإشراك الطفل في وضع خطة لمساعدته على تحمل المسؤولية وتحديد ما سوف يتناسب معه، في حال لم يستطع التحديد يمكننا ممارسة العصف الذهني أو إتاحة بعض الخيارات له، ربما لا يرغب الطفل في وضع الخطط لذلك نستخدم معه التفاوض أو التحفيز للوصول إلى كبح رد الفعل أو السيطرة على الانفعالات.
ومن جانب آخر يمكننا تدريب الطفل بشكل تدريجي للسيطرة على المواقف التي تستثير أعصابه حتى يتمكن من الالتزام بالتوجيهات عند تعرضه لها وهكذا بعد فترة لن نذكر للطفل المطلوب منه بشكل مباشر ولكن سنبدأ بإخباره أن ينظر إلى قائمته ومن ثم نسأله عما يجب فعله حتى يصل بعد فترة إلى أن يسأل هذا السؤال لنفسه.
ويتابع العقلة منوهاً بأن نجاحنا في تنمية مهارات أطفالنا يجعلنا لا نقلق بشأن ما سوف يتعرضون له من ضغوطات في فترة المراهقة إذ إنهم سيبدؤون في الانجذاب للاستقلال وتحمل المسؤولية بمفردهم وينفرون من الإشراف أو الدعم.
لذلك يجب البدء في مرحلة الطفولة وسيكون الجهد إضافياً وربما نواجه العديد من المعوقات ونبدأ في الاستسلام لفكرة أن نتركهم لتجارب الحياة حتى يتعلموا منها ويغيروا من نمط حياتهم، لكن يجب أن نتذكر أننا نملك نقاط ضعف لم نستطع تنميتها حتى الآن ونعلم أن ذلك قد يعرضهم لمشكلات كبيرة في المستقبل كالفشل الدراسي وخسارة الأصدقاء أو يقلل من ثقتهم في أنفسهم لذلك من الأفضل التدخل واستخدام الأساسيات لوضع خطة لتنمية المهارات.