وصفـــي قرنفـــلي: نحن تاريخ هذا الشرق إن كُتبــا

الملحق الثقافي- رفاه الدروبي:
وُلِدَ وصفي بن كامل قرنفلي في مدينة حمص وتلقّى دراسته الابتدائية في المدارس الأرثوذكسية فيها، وتعلم أصول اللغة العربية على يد يوسف شـــاهين كان مديراً للمدارس نفسها كما تلقّى بعض الدروس يد جرجس كنعان. ولم يتمكّن من متابعة دراسته، وأنهاها عند الصف الحادي عشر والتحق بالعمل في دائرة مساحتها عام 1929 بعد دراسته علومها في بيروت باللغة الفرنسية.
حياته ووفاته
لم ينقطع عن المطالعة فانكبَّ عليها بحُبٍّ وشغف فبدأ ينظم الشعر بقصائد وطنية وغزلية في السادسة عشر من عمره سافر فترة إلى مصر واطّلع على الحركة الأدبية فيها ونشر بعض إنتاجه في الصحف والمجلات الصادرة في القاهرة وتوطّدت علاقته مع الأديب نصوح فاخوري إثر عودته إلى حمص والأديب عبد السلام عيون السود، وأصدر كُرَّاساً مع صديقه نصوح فاخوري عنوانه «موعد وعهد» ووافته المنية نهاية عام 1972 ومكتبته محفوظة لدى ابن أخيه كامل قرنفلي فرثاه عبد الرحيم الحمصي فقال:
أفنيتَ عمركَ في النضال مُجالِداً
وعَبَرْتَ ريعان الشباب مُجاهداً
وعملتَ للوطن المُحَبّب عـندما
كان الظلام على المـربع سائداً
مهلاً رفيق العمر شِعرك لم يزل
للواهنين مفاخــراً . وقلائـدا
قم تشهد الأحبابَ حولكَ خُشّـعاً
ينسـاب دمهمُ عليـك روافـدا
وقال الأديب محي الدين الدرويش:
شاعر الحُب والجــمال توارى
ولقد كان ملء عين الزمـان
بورِكَ الشِعر قد تسامى بــناء
يبهر الناظـرين بالعنـفوان
لاتقولوا : قد غاب بانيه ولكـن
هو في القلب حاضر واللّسان
إيه وصفي والعمر سرّ عجيب
هات شِعراً مطيّـباً بالمثـاني
قم كعهدي طلق المحيا ضحوكاً
ناضر الوجه ألمعي الجنــان
قم تأمّـل تجد ليـوثاً حيـارى
وظباء مقروحـة الأجــفان
سمات شعره
إنَّه شاعر تقدّمي رومانسي النزعة صاحب مدرسة التجديد في الشِعر العربي المُعاصر وظّفَ قصائده في خدمة قضايا الوطن والإنسان ومحاربة الاستعمار والدفاع عن الفقراء والكادحين، لقّبوه بشاعر حمص لكنّه كان يكره الألقاب فصاح بهم:
أنا لستُ شاعر حمص، في ما يدّعي
قومٌ، ولســتُ بشاعرِ الناسِ
أنا شاعــري، أنا عالمي أنا أمّتي
وهناك شِعري في ضمير الكاس
وعلى ظـلال الهدب أيقظ في دمي
خدراً، ولف مفاصـلي بنعاس
قال عنه صديقه الأديب ممدوح سكاف في مجلة الثقافة الأسبوعية عام 1969:
«إن وصفي يملك موهبة ممتازة في التعبير عن خلجات النفس الإنسانية، والعواطف المتلهّفة والأحاسيس الطاغية، فالكلمة عنده شحنة من الشعور المتدفّق والصدى الرمزي المسموع في اللفظة والصورة، وتعتبر في شعره وليدة الكلمة وضلع من حروفها، مُثقلة أحياناً بالضباب، مضمّخة بالغموض وفي أخرى صافية كالصباح الجميل».
كما كتبت الأديبة الدكتورة نجاح العطّار دراسة قيّمة عنه في مجلة المعرفة العدد 129 لشهر تشرين الثاني عام 1972، كما نشرت جريدة «الرأي» الأردنية عام 1973 في عددها رقم 525 مقالاً للكاتب عيسى الناعوري بعنوان» وردة من بعيد على قبر الشاعر الراحل وصفي قرنفلي» شارحاً بإسهاب عن موهبة الشاعر الراحل وأسلوبه في كتابة الشِعر مستشهداً بمقاطع من قصائده ومداخلاته عنه.
وأقام له اتحاد الكتّاب العرب بحمص حفلاً تأبينياً له بتاريخ 25/شباط /1973 في المركز الثقافي بحمص شارك فيه عدد كبيرمن الأدباء منهم:
نزار قباني، مراد السباعي، عبد المعين ملوحي، حامد حسن، إلياس خليل زكريا، عبد الرحيم الحصني، أنطون مقدسي، محمد الحريري، خليل هنداوي، مدحت عكاش، عبد القادر عيّاش، محي الدين الدرويش، عفيف قرنفلي.
نبين أدناه مقتطفات مما قاله بعض الشعراء والأدباء في حفل التأبين:
قال عنه نزار قباني في حفل تأبينه:
«أيها الشاعر الصديق: لم أقطع مئات الأميال لأبكيك فلا أنا أُجيد حرفة البكاء ولا أنت تقبل مذلّة الدموع ولكنَّني أتيت لأهنِّئك لأنَّ جهازك العصبي قد توقّف عن الفعل والانفعال. وأعصابك لم تعد كأعواد الكبريت، قابلة للاشتعال في كل لحظة. من حسن حظّك إنَّك أخذت إجازة من حواسك الخمس أمَّا أنا فما زلت يا صديقي مُحاَصراً بحواسي الخمس ومازلت مضطرّاً مع الأسف أن أفتح شراييني وأكتب يا صديقي وصفي: لقد اتّحد وجعك بوجعي، وتداخل موتك بموتي، حتى لم أعد أدري مَن يرثي مَن».
مــــؤلفــاته
«موعد وعهد»: بالاشتراك مع نصوح فاخوري عام 1954.حيث ضمّنه ثلاث قصائد» لنا النصر» كانت بمناسبة الاحتفال بيوم الطفل، و»موعد وعهد» كتبها تحية لمؤتمر بخارست عام 1953 والثالثة» مع الســـلم».
كما كتب»ديوان وراء السّـراب» وينقسم إلى قسمين: «وراء السراب» ويحتوي على 72 قصيدة، والثاني «أوراق مُبعْثرة» ويضمُّ 15 قصيدة.
وتقديراً لدوره الريادي في حركة الشِعر العربي المعاصر منحته الحكومة وسام الاستحقاق السوري بينما أصدرت وزارة الثقافة ديوانه»وراء السّراب» في نفس العام من منِحَه وِسام الاستحقاق.
مقتطفـــات من أعمــاله
ما قاله في قصيدته «موعد وعهد»
بـلادنــا، مُتّكــأ أخضـر
غنّــى، على أقدامـه، جدولُ
فتياننا الأحرار، قد أقسمــوا،
ألاّ يسيروا، في لـواء الظّـلامْ
عبْر الحدود البُلْه، عبر الدُّجى
بينـــكم الشّـام. ونحن الشآمْ
كما نظم قصيدة عنوانها «قلب ضــائع» شدى فيها:
يا قلب ويحـكَ ضيّعوك وما برحــت لهم وفِيّــا
أمسيتَ يا مسكين لا ميّتاً فيسلو في التراب ولستَ حيّا
قد كان أمس ومات أمس فخــلِّ أمس وعش خليّـا
ومن قصيدة: فلان …. وتاريخنا …. والغُزاة:
نحن العروبة، في أنقى شمــائلها
يا من على يدكــم إنسانها صـُلِبا
والمجد، نحن العوالي من شوامخه،
والمجد، إذ ينتخي، لم يَعْـدنا نسبا
ليس الأذِلاّء في التاريخ، من عرب،
ـ وأنت منهم ـ ولا مَن يعبد الذهبا
هذي البلاد لنا، ليســت لكم أبداً،
ونحن تاريخ هذا الشرق إن كُتبــا
الحب والسّلم ركــنٌ في حضارتنا،
وكنتم الحقد، في التاريخ، والرُعُبا
                            

العدد 1192 – 4 -6-2024       

آخر الأخبار
حوار جامع ومتعدد أرباحه 400%.. الفطر المحاري زراعة بسيطة تؤسس لمشروع بتكاليف منخفضة المحاصيل المروية في القنيطرة تأثرت بسبب نقص المياه الجوفية الخبير محمد لـ"الثورة": قياس أثر القانون على المواطن أولاً قوات الآندوف تقدم خمس محولات كهربائية لآبار القنيطرة إحصاء أضرار المزروعات بطرطوس.. وبرنامج وصل الكهرباء للزراعات المحمية تنسيق بين "الزراعة والكهرباء" بطرطوس لوقاية الزراعة المحمية من الصقيع ٥٥ ألف مريض في مستشفى اللاذقية الدوريات الأوروبية الإنتر وبرشلونة في الصدارة.. وويستهام يقدم هدية لليفر روبليف يُحلّق في الدوحة .. وأندرييفا بطلة دبي مركز متأخر لمضربنا في التصفيات الآسيوية هند ظاظا بطلة مهرجان النصر لكرة الطاولة القطيفة بطل ودية النصر للكرة الطائرة مقترحات لأهالي درعا لمؤتمر الحوار الوطني السوري "أنتم معنا".. جدارية بدرعا للمغيبين قسراً في معتقلات النظام البائد جيني اسبر بين "السبع" و"ليالي روكسي" هل نشهد ثنائية جديدة بين سلوت (ليفربول) وغوارديولا (مان سيتي)؟ مواجهة مرتقبة اليوم بين صلاح ومرموش تعادل إيجابي بين الأهلي والزمالك دراما البطولات (التجميلية)