الثورة – ترجمة رشا غانم:
في العقود الثلاثة الماضية منذ انتهاء الحرب الباردة، قال السياسيون الأمريكيون علانية إن الأمريكيين وغيرهم قد يتخذون إجراءات غير عادية، بما في ذلك إشعال النزعة الانفصالية، لوقف صعود الصين، ولا عجب حتى في عالم اليوم، على الرغم من كونها قوة عظمى متراجعة، تواصل الولايات المتحدة تأجيج نيران “استقلال تايوان”، والسبب: عقلية الولايات المتحدة لم تتغير منذ أيام الحرب الباردة.
هذه العقلية، إلى جانب تصريحاتها غير المسؤولة، تتعارض مع التعهدات والالتزامات التي قطعتها الولايات المتحدة في البيانات المشتركة الثلاثة في 25 تشرين الأول 1971، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع القرار 2758، الذي ينص بشكل لا لبس فيه على أن “ممثلي حكومة جمهورية الصين الشعبية هم الممثلون الشرعيون الوحيدون للصين لدى الأمم المتحدة”، وبعد ستة أشهر من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التاريخي، في شباط1972، على وجه الدقة، وقعت الولايات المتحدة والصين على بيان شنغهاي الذي ينص بشكل قاطع على ما يلي: “جميع الصينيين، على جانبي مضيق تايوان، يؤيدون وجود صين واحدة وأن تايوان جزء من الصين”.
إن كسر التعهدات الرسمية والتراجع عن التزاماتها الدولية هي للأسف جزء كبير من سجل الولايات المتحدة، خاصة في السياسة الخارجية، سواء كانت اتفاقية باريس، التي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب وانضم الرئيس الحالي جو بايدن، أو الاتفاق النووي الإيراني، الذي وقعته إدارة باراك أوباما ولكن للأسف تخلى عنه ترامب.
إن تعزيز هذا السجل الحافل هو هوس الولايات المتحدة بـ “تغيير النظام”، حيث تظهر الأدلة الموثقة أنه خلال الحرب الباردة، حاولت الولايات المتحدة 72 مرة تغيير الأنظمة والحكومات، خاصة في دول جنوب الكرة الأرضية، باستخدام وكالات مثل وكالة المخابرات المركزية.
لماذا محاولة الولايات المتحدة الأخيرة لإثارة المشاكل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، من خلال لعب “ورقة تايوان”، محكوم عليها بالفشل؟
أولاً، كما قال العديد من وسائل الإعلام والعلماء، فإن النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية المدعوم من الغرب ينهار، بسبب اتساع الهوة بين ما يُدعى وما يُمارس، فعلى سبيل المثال، المحادثات الأمريكية حول “حقوق الإنسان” في منطقة شينجيانغ الأويغور الصينية المتمتعة بالحكم الذاتي، لكنها صامتة بشأن قصف ما يسمى إسرائيل بلا هوادة لقطاع غزة، وهو جريمة خطيرة ضد الإنسانية، لكن كيف يمكن للولايات المتحدة أن تحمي حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني عندما كانت تزود “إسرائيل” بالأسلحة والمعدات العسكرية، وتقدم المساعدة النقدية والدعم الدبلوماسي؟
وثانياً، يشهد العالم مسارين متناقضين: بينما تبذل الصين جهوداً للمساعدة في إضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية من خلال الاتصال والتعاون، كما يتضح من مبادرة الحزام والطريق، التي شهدت استثمار تريليون دولار في مشاريع في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا على مدى السنوات العشر الماضية.
وفي المقابل، تحاول الولايات المتحدة، منذ 11 أيلول2001، الهجمات الإرهابية عسكرة العلاقات الدولية، وإثارة المواجهات والصراعات، كما أهدرت الولايات المتحدة 6.5 تريليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين في الحروب في أفغانستان والعراق وسورية وليبيا والصومال.
وثالثاً، الجنوب العالمي، بما في ذلك أجزاء كبيرة من آسيا والمحيط الهادئ، ليس في حالة مزاجية للعودة إلى أيام الحرب الباردة، لهذا السبب لا يوجد “مشترون” لوصفة المواجهة الأمريكية أو الحرب الباردة الجديدة، والتي تكملها المئات من قواعدها العسكرية الخارجية في جميع أنحاء العالم والتحالفات والكتل الأمنية الجديدة مثل اتفاقية أوكوس.
المصدر – تشاينا ديلي