الثورة – رشا سلوم:
صدر العدد الجديد من مجلة جسور التي تعنى بالترجمة وشؤونها وتتابع الأدب العالمي تضمن العدد المزيد من الدراسات والمقالات.
وزير الثقافة الدكتورة لبانة مشوِّح تقدم دراسة مهمة تحت عنوان؛ الترجمة وإشكالية الشكل والمعنى، ترى أنه عند الخوض في حديث الترجمة تبرز الترجمة الأدبية كأكثر صنوف الترجمة إشكالية، ومردُّ ذلك إلى أمرين أساسيين: الأول طبيعة النَّص الأدبي وعلاقة المضمر بالمعلن فيه، ما خفي فيه وما أُفصِح عنه. والثاني قدرة المترجم على نقل المضمر، وما يقتضيه ذلك من كشف لخباياه وإعادة تركيبه شكلاً ومضموناً.
المنظّرون من أصحاب منهج التحليل البلاغي ومنهج تحليل الخطاب، يرون في شكل النّص وعمارته أحد المفاتيح الأساسية للولوج إلى معناه، وقد بالغ بعض المنظرين من الترجميين في ذلك، وحذا حذوهم بعض فطاحل المترجمين، فذهبوا إلى حدّ إلباس شكل النص أحياناً معنىً اكتشفوه فيه من قبل، كما هي الحال في ترجمة النصوص المقدسة.
لا شكّ أن النظر إلى عمارة النص المصدر وتحليله الشكليّ من حيث عناصره اللسانية والبلاغية كافة بهدف كشف مقاصده وامتلاك معانيه أمرٌ بالغ الأهمية في العملية الترجمية، لكن هذه المقاربة تنطوي أيضاً على مسألة إشكالية بشقيّها النظري والتطبيقي؛ وهي وإن غدت من المسلّمات عند الترجميين المنظّرين في علم الترجمة، فهي لا تزال أشبه بحقل ألغام يخشى المترجمون الخوض فيه، بل هي أقرب إلى صندوق عجائب تتورّع غالبيتهم العظمى عن مجرّد لمسه خشية الغرق في لجّ أسراره ومكوِّناته. فما أكثر تلك المكوِّنات وما أعقدها أحياناً.. وهل كل من يملك الغوص فيها واستنباطها لاكتشاف عمارة النص يمتلك القدرة على إعادة كتابته أو “إعادة بنائه” في عمارة تؤدي المعنى بما يتناسب وسمات اللغة الهدف وخصوصيتها.
على الرغم من أن الموضوع إشكالي، إلّا أنه من الضروري اعتماده أساساً للانطلاق في مقاربة النّص الأدبي ونقله إلى لغة أخرى. وهو ما لا ينبغي أن يخيف سدنة الترجمة، بل لا بدّ أن ينطلقوا منه إذا ما أرادوا التصدّي لترجمة نصوص أدبية متميزة توسّع الآفاق الفكرية والمعرفية، وتُغني الأساليب الأدبية، وتُطوِّر الحركة النقدية، وترتقي بإعداد المترجم نظرياً وتطبيقياً.
إن ترجمة النصوص الأدبية تقتضي الولوج إلى أعماقها وسبر أغوارها واستيعاب إشاراتها وإيحاءاتها لكشف خباياها وما يخفى منها عن النظرة السطحية العجلى، قبل الانتقال إلى المرحلة الأصعب، مرحلة إعادة بناء المعنى بالأدوات الملائمة في اللغة الهدف
شخصية العدد
أما شخصية العدد فهو صموئيل بيكت وفي التعريف به صامويل باركلى كاتب إيرلندي، كاتب مسرحي، بالإضافة إلى أنه كان ناقداً أدبياً وشاعراً (ولد في فوكس روك، دبلن في 13نيسان عام 1906 – توفي في باريس 1989). كان من أحد الكتاب المشهورين في القرن العشرين. كما أنه يعد من أهم الحداثيين لأنه كان يسير على نهج وخطى جيمس جويس. كما أنه كان متأثراً بالكتاب العظماء الذين أتى من بعدهم بالإضافة إلى ذلك يعد بيكيت الكاتب الأهم في السلوك الأدبي لتيار مارتن اسلن الذي يطلق عليه «مسرح العبث».
كتب أكثر أعماله باللغتين الفرنسية والانجليزية ثم ترجمها بنفسه إلى لغات أخرى. يعتبر من أهم أعماله الأكثر شيوعاً وشهره في انتظار غودو، من أهم ما يميز أعمال بيكيت أنها بسيطة جوهرية. ووفقاً لبعض تفسيراته، أنه كلما كان يكتب أعماله وفقاً للإنسان المعاصر كان بالفعل يميل إلى التشاؤم.
قد شرح بيكيت هذا التشاؤم بأسلوب «الفكاهة السوداء» في تلك الأعمال التي أتى بها في صورة الإيجاز والاختصار، حصل بيكيت على جائزة نوبل في الأدب عام 1969 تكريماً له على أعماله التي كونها بشكل جديد في أنواع الروايات في الأدب المسرحي، كما أنه نسق عرض أعماله بناءً على «فقر الإنسان المعاصر».
بالإضافة إلى أنه تم اختياره رئيساً لجمعية صاوى في ايوسدانا في إيرلندا عام 1984.
من أعماله
بحكم كونه كاتباً يمكن تقسيم أعماله إلى ثلاثة أقسام، أولاً: الأعمال الأولى هي تلك الأعمال التي كانت مستمرة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. ثانياً: المرحلة المتوسطة هي تلك الأعمال التي أنتجت أفضل آثاره والتي عرفت في الفترة 1945 حتى بداية عام 1960. ثالثاً: المرحلة الأخيرة هي تلك الأعمال التي ظهرت في الفترة ما بين 1960 حتى وفاته. وفي هذه المرحلة امتازت كتابات بيكيت بالنضج الفني والأدبي وبالقصر في الكتابة.