الملحق الثقافي- هالا مرعي:
قيل: من أراد أن يكون أديباً فليتسع العلوم.
هذا يعني بالتأكيد الاستقبال الواعي للأشياء التي تدور من حولنا وتسجيلها، والعيش في هواء الأفكارالطلق، نقرأ، ونلّمُ، ثمّ نكتب حكايتنا التي لن تأتي كاملة وساحرة من المحاولة الأولى.
الكتابة الإبداعيّة هي رؤيتنا للحياة ومشاعرنا نحوها، استحسان أو استهجان، صمت أو ثورة، خضوع أو احتجاج حتى نعبّرعن صوتنا الخاص وأسلوبنا الخاص، وتكون لنا حكايتنا الخاصّة.
لنتفق بأنّ كلّ شيء يبدأ بالذهن أولاً، ولولا وقوفي الطويل ودهشتي التي لا توصف أمام رفوف مكتبة العالم الورقية والالكترونية الضخمة، وتخيّل الرحلات الشّاقة التي قطعها أولئك الكتّاب العرب والعالميون حتى أصبحت أسماؤهم فوق أغلفة الكتب لمّا اشتعل في نفسي الفضول وتأججّت الرغبة بأن أخاطر بحجز مقعد لي على تلك الرحلة، فأنا أؤمن إيماناً قويّاً بنتاج العقل والفكر، وبمقولة « إنّما الإنسان أثر «.
تدرّجت ذائقتي الأدبيّة في النمو مع الوقت، وربما كانت صرختي الأولى واحتجاجي على عبثيّة الوجود منذ لحظة الولادة لم تخفت إلى اليوم، وأخذ وعيي الوجودي والإنساني والفطري يتبلور ويتّضح عبر التأّمل والتفكير، ومن ثمّ بعد تعمّقي في القراءة ، ودراستي للآداب ، قسم اللغة الفرنسية ، ومثابرتي على الاطلّاع والقراءة والتجريب في الكتابة ، واتجاهي إلى العمل في حقل الترجمة ،و بدأت بنشر الخواطر والنصوص النثرية والقصص القصيرة والمقالات في بعض الصحف العربية والمحليّة والمجلّات لأجد أنّه علّي أن أكرّس جهدي ليكون لي كتابي الخّاص، فنشرت عدّة مجموعات قصصية بقيت في إطار محلّي، ولم تنتشر كما كنت آمل لأنّ بدايتي في النشر كانت مع نشوب الحرب على سوريّة.
اعتقدت لزمن طويل أنّ نَفَسي قصير في الكتابة إلى أن قررّت أن أتحدّى نفسي، وأخوض غمار عالم الرواية الساحر. ولا أخفي بأنّني كنت متردّدة للغاية، ولكنّني بالعمل الدؤوب والإصراراستطعت إنجاز ثلاثة أعمال روائية.
وما أوّد قوله حقيقة، بأنّ الكتابة في بيتنا الثقافي السوريّ حافلة بأسماء الحكاءّات السوريّات المبدعات في النسج، واللواتي برزن في جوّ أتاحه الشرط الثقافي السوري والمناخ الحرّ للكتابة الإبداعيّة.
قد تكون بداياتي في الرسالة الأولى التي كتبتها لأخٍ في الغربة، أو في قصيدة حبّ سجلّتها على كرّاستي حين عصفت بالقلب رياح الهوى، أو في طقوس احتفاليّة سريّة حفرها الوطن بالخاطر عبر مفرداته من جبل وغابة ونهر، ومدن وأرياف، فتضافرت معاً، وشكلّت ذائقتي الأدبيّة، ولكن، مازال هناك ضجيج داخلي يؤرقني، واحتجاج صاخب لا يخفت إلاّ بالكتابة.
في القصة: نصف الحقيقة لا يجدي، عندما يغني الألم، ورقص بلا إيقاع، وخلايا العشق،
وفي الرواية: نافذتان لامرأة واحدة، زهرة النيلوفر ، أسرار المدينة ، والعمل القادم ، ميرازاد.
العدد 1194 – 25 -6-2024