الزراعة.. بين الأولوية والدعم

الثورة – محمود ديبو:

لم تكن الزراعة في سورية يوماً وجهة نظر أو مثار جدل ونقاش حول أهميتها ودورها، خاصة في المجتمعات الريفية حيث يعمل الغالبية بالزراعة وتربية المواشي والدواجن، وقتها لم يكن هناك سياسات زراعية ولا خطط سنوية ولا مقننات علفية أو مخصصات سماد أو الاكتتاب على بذار، ولا حتى مخصصات المازوت الزراعي.

مهنة متوراثة
هي مهنة توارثها الأجيال واكتسب الأبناء خبرة الآباء والأجداد في مختلف الأعمال الزراعية، ولا يزال أبناء جيلنا يتذكرون أمسيات البيادر والسهر حتى الصباح لإنهاء أعمال (درس) القمح والشعير وطقوس سلق الحنطة وجرشها وطحنها لإنتاج البرغل والطحين، ونقل الإنتاج من الخضار والفواكه من البساتين والحقول والأراضي الزراعية وجمع البيض البلدي ناهيك عن الحليب واللحوم الحمراء والبيضاء وغير ذلك، ما يدلل على حالة الوفرة الكبيرة والفائض في الإنتاج الزراعي إلى جانب النوعية الجيدة لمعظم المحاصيل، كل ذلك كان يحصل قبل أن تدخل مفردات (الحداثة) الزراعية من مثل المقننات والمخصصات وسياسات الدعم والتخطيط الزراعي والخطط المسبقة، ولم يكن هناك حاجة لشراء البذار المعلب والمستورد ولا الأدوية والمبيدات والأسمدة المصنعة بمخابر أجنبية.
فالزراعة كانت العمل الأساسي حتى لبعض سكان المدن قبل أن تتحول أراضيهم إلى جزر من الكتل البيتونية، بعد أن غزاها طمع وجشع تجار العقارات، وكمثال قريب نجد أن أحياء مهمة وراقية في دمشق كانت قبل عقود قريبة عبارة عن بساتين مزدهرة بمختلف الزراعات (بساتين المزة، بساتين برزة، بساتين كفرسوسة).

السؤال الأكثر إلحاحاً؟
ما نود الحديث عنه هنا، يذهب باتجاه السؤال الأكثر إلحاحاً، وهو لماذا وصل الحال بالواقع الزراعي إلى ما عليه اليوم؟، وهل كان ما يسمى اليوم (دعم القطاع الزراعي)، هو السبب في ازدهار الزراعة، وانتشارها بشكل واسع قبل عقود من الآن، وهل كان هناك دعم أصلاً؟؟
أحجية
وما نسمعه اليوم يقترب كثيراً من أحجية اختراع الدولاب ولكن بطريقة ثانية، بعد تسرب مفاهيم ومصطلحات جديدة من مثل شفافية الدعم وكفاءة الدعم، وإعادة دراسة آليات الدعم وهيكلة الدعم المقدم للقطاع الزراعي، في وقت نجد فيه القطاع الزراعي قد غرق بجملة من المشكلات والصعوبات باتت اليوم حجر عثرة وربما صخرة كبيرة تقف في وجه مسيرته وتحوله إلى قطاع خاسر ومُخَسِّر لكل من يعمل به بالنظر إلى التكاليف الباهظة التي تنتظر كل من يفكر باستثمار أرضه أو حتى الدخول في متاهة التربية الحيوانية من دواجن وأبقار وأغنام وغيرها..
ولابد من الإشارة إلى أن إعادة الألق لهذا القطاع لا تحتاج للكثير من التنظير وإعادة تدوير الأفكار وإنتاج أفكار جديدة وتفسير ما هو مفسر وواضح، فللزراعة مقوماتها الأساسية وللنهوض بها لا بد من توفير مستلزماتها للفلاح أولاً وقبل كل شيء، والتخفيف من التعقيدات والمتاهات التي يواجهها في مسعاه للحصول على (الدعم) الموعود و(المخصصات) المنتظرة من بذار وسماد وأعلاف ومحروقات وغيرها، ولا بد من إعادة تشجيع الكثيرين ممن هجروا أراضيهم للعودة والبدء باستثمار ما كانوا قد تركوه بعد أن تعرضوا لخسارات كبيرة أنهكتهم ودفعتهم باتجاهات مختلفة للبحث عن مصادر دخل بعيداً عن الزراعة.

شبح الاحتكارات
وكل هذا يمكن أن يحدث بعد إزاحة شبح الاحتكارات التي طالت مستلزمات الإنتاج الزراعي ودفعت بها لتباع في الأسواق السوداء، مع ضرورة إحكام الرقابة والتشدد في عدم دخول أدوية ومبيدات وأسمدة زراعية ذات مواصفات متدنية أو ربما لها تأثيرات جانبية تؤدي إلى نتائج كارثية على الإنتاج الزراعي كما حدث في إحدى السنوات عندما تضرر المئات من المزارعين الذين استخدموا نوعاً معيناً من الأدوية الزراعية التي أدت إلى حرق النبات ويباسه بشكل غير مسبوق، وترك آثاراً سلبية على التربة..

سعر مجز
وبالتوازي مع ذلك يأتي الحديث عن أهمية حصول الفلاح على سعر مجز لمحاصيله، وخاصة التي تسلم إلى الدولة (حبوب، قطن، تبغ) ليتمكن من الاستمرار بعمله في قادم الأيام والأعوام.
ويمكن أن يتم توجيه جزء من (الدعم) لتطوير البنى التحتية للزراعة كالأقنية الزراعية والسدود والسدات المائية وحفر الآبار وإيصال المياه وشق الطرق الزراعية وتسهيل إجراءات استلام المحاصيل وتقريب مدة انتظار الفلاح لاستلام ثمن محصوله وغير ذلك الكثير، بحيث نجد أن المسألة هي سلسلة متصلة من الخطوات والإجراءات التي يجب اتخاذها للانتهاء من مشكلات القطاع الزراعي بالتدريج بما يضمن عودة سريعة لكل من هجر العمل بهذا القطاع سواء الزراعة أو الإنتاج الحيواني، لنكون خلال مدة قصيرة أمام وفرة حقيقية بالإنتاج تؤمن حاجة الاستهلاك المحلي وتصدير الفائض إلى الأسواق الخارجية.

إنعاش الزراعة
وأخيراً ..إن النجاح في إعادة إنعاش الزراعة ووضعها على السكة الصحيحة يتطلب المحافظة على اعتبار أن الزراعة أولاً وقبل كل شيء، وأن أي (دعم) تنوي الحكومة توجيهه لهذا القطاع يجب أن يخرج من حسابات الربح والخسارة أي (الجدوى الاقتصادية) والسخاء في دعم هذا القطاع لترميم الكثير من الفجوات والثغرات ومعالجة الأمراض والعثرات والمشكلات التي ألمت به، وبكلمة أدق نقول: إن الزراعة لا تحتاج إلى دعم مقونن ضمن الزمان والمكان، هي تحتاج إلى إمكانيات مفتوحة مادية وبشرية وقانونية وغيرها لتعود الزراعة كما كانت، وكما نحب ونريد لها أن تكون، أن تعود (أولوية) أساسية، وليس كما أراد لها البعض قبل سنوات بعد أن ظهرت دعوات تقول بأن (الزراعة لم تعد أولوية).

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة