الثورة – المحرر الثقافي:
بمشاركة واسعة من شخصيات سياسية وأكاديمية وأدبية عراقية وعربية وأجنبية، احتضنت العاصمة العراقية بغداد على مدى اليومين الماضيين فعاليات ملتقى الثقافتين العربية والكردية وذلك بهدف تعميق الحوار وتعزيز الانتماء وتعميق التقارب بين مكونات شعوب المنطقة.
وألقى رئيس الجمهورية العراقية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد كلمة رحب فيها بالحضور، وأكد ضرورة العمل وتضافر الجهود لتعزيز المشتركات الثقافية والتاريخية والتراثية، وتنميتها وتطويرها بما يخدم حياة التعايش الإيجابي بين أبناء المنطقة جميعاً.
واستذكر الأدوار الثقافية المهمة لعدد من المثقفين الكرد ممن عاشوا في بلدان عربية مثل مصر وسورية ولبنان والأردن وغيرها وأسهموا بإثراء الثقافة والفنون العربية، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من تجارب التأريخ وتقدير الأدوار المهمة التي قدمتها شخصيات في جانب الثقافة والمجالات المعرفية الأخرى.
وأكد وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي الدكتور أحمد فكاك البدراني في كلمة له أن لغة الثقافة هي اللغة التي تؤلف بين قلوب أبناء الوطن الواحد وتجمعهم على كلمة واحدة وقرار واحد، موضحاً أن الثقافة تستطيع أن تحقق ما لا يحققه سواها لضمان المصالح السياسية والاقتصادية.
بعد ذلك ألقيت كلمة الأمين العام لمنتدى الفكر العربي وكلمة الأمين العام لمجموعة السلام العربي العربي وكلمة الفكر والأكاديمي للدكتور عبد الحسين شعبان والذي أدار الجلسة الحوارية الأولى بعنوان: “دور الثقافة العربية الكردية في تنمية واستدامة التعايش السلمي وتعزيز الانتماء الوطني” وشارك فيها رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية الدكتور محمد الحوراني والذي تحدث عن دور الثقافة العربية والكردية تاريخياً في تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة والدفاع عن الأرض ضد أشكال الاستعمار كافة، مستشهداً بشخصيات كان ومازال لها حضورها في عمق الوجدان السوري دون النظر إلى قوميتها مثل الشهيد يوسف العظمة وسليمان الحلبي والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وسواهم من أعلام الفكر والأدب والنضال الوطني مؤكداً أهمية ما طرحه السيد الرئيس بشار الأسد بخصوص “العروبة الحضارية” وكيف يمكننا من خلالها تجاوز كثير من المصطلحات السلبية، كما أكد ضرورة التلاقي بين ما يطرح في هذا المؤتمر وما يتم الاشتغال عليه في سورية منذ فترة بخصوص الهوية الوطنية الجامعة، وشارك بالجلسة الحوارية وزير الثقافة الأسبق فرياد راوندوزي ورئيس الشبكة العربية للتسامح الدكتور إياد البرغوثي ورئيس الهيئة الأكاديمية الكردية حمه زياد مولود ورئيس مركز شرقيات للبحوث الدكتور محمد زاهد جول، وناقش المشاركون خلالها مجموعة أفكار تؤسس لخارطة طريق تستند على الثقافة في تجاوز الأزمات وتقوية النسيج المجتمعي والتخطيط لمستقبل واعد.
أما الجلسة الحوارية الثانية فكانت بعنوان “دور المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمجتمع المدني في تنمية أواصر الثقافة العربية الكردية” أدارها الوزير راوندوزي بمشاركة وزير النفط السابق الدكتور إبراهيم بحر العلوم ووزيرة الخارجية السودانية السابقة الدكتورة مريم الصادق المهدي وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور عادل البديوي والكاتب والصحفي ساطع راجي والباحثة في علم الاجتماع الدكتورة رفيف صيداوي ووزير التربية الأسبق الدكتورة سهى العلي بك، وأشار المشاركون في كلماتهم إلى ضرورة اهتمام المؤسسات الحكومية على اختلاف وظائفها بالعمل على ترسيخ الأخوة العربية الكردية من خلال عملها ونشاطاتها فضلاً عن تشريع القوانين بالاعتماد على المصلحة العامة دون هضم حق أي طرف.
وكان ختام الملتقى في الجلسة الثالثة والأخيرة تحت عنوان “الشخصيات الثقافية العربية والكردية وتأثيرها في إنتاج ثقافة إنسانية وطنية” والتي أدار نقاشاتها أمين عام الشؤون الثقافية في اتحاد الأدباء منذر عبد الحر وشارك فيها الأستاذ في جامعة الموصل الدكتور علي أحمد خضر والمؤلف والباحث الاجتماعي فاضل كريم ورئيس قسم الدراسات الإقليمية والدولية في جامعة بغداد الدكتور مفيد الزيدي والخبيرة في شؤون المجتمع المدني لبنى بن عبد الله والأكاديمية والناشطة في الشأن السياسي الدكتورة ليلى الصائغ والتدريسي في كلية الإمام الأعظم الدكتور صالح خلف الأصيفر، وناقشت الجلسة عطاء العديد من الأسماء العربية والكردية التي كان لها تأثير متميز على طبيعة العلاقات العربية الكردية وعلى ماضي وحاضر ومستقبل البلد، حيث تم التأكيد على ضرورة التعريف بتلك الشخصيات ونشر مفاهيمها الوطنية وتعريف الأجيال الناشئة بالأدوار الإيجابية لتلك الشخصيات في بناء الوطن وتحقيق تطلعات شعبه.
واختتمت جلسات المؤتمر الذي أقامه المركز الثقافي العربي الكردي بكلمة وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور البدراني والتي أعرب فيها عن تقديره وتثمينه لجهود إثراء الثقافة العراقية والحرص على تقوية العلاقات الاجتماعية والروابط الوطنية بين جميع المكونات وبما يؤمن المستقبل الواعد والزاهر للعراق ودول المنطقة، شاكراً جميع المشاركين في المؤتمر على طروحاتهم وأفكارهم ودراساتهم التي تصب في خدمة الثقافة والمثقفين وترسخ لمجتمعات ديمقراطية واعية وأوطان آمنة ومستقرة.
والتقى الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد على هامش الملتقى برئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية الدكتور محمد الحوراني مؤكداً عمق العلاقات السورية العراقية و أهمية دور الثقافة في مد جسور التعاون والمعرفة بين شعوب المنطقة وتجاوز الخلافات التي قد تخلقها العوامل السياسية، وشكره رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية على اهتمامه بهذا الجانب الثقافي والذي من شأنه أن يحصن مجتمعاتنا وأن يزيد من لحمتها إذا ما تم تكريسه بشكل حقيقي عند أبناء المنطقة بكل مكوناتهم.
كما قدم رئيس اتحاد الكتاب العرب درعا تكريمية باسم اتحاد الكتاب العرب في سورية لوزير الثقافة العراقي تسلمه الدكتور عبد الباقي بدر ناصر الخزرجي عضو مجلس أمناء بيت الحكمة، ودرعاً تكريمية للدكتورة خديجة حسن جاسم مديرة قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة تقديراً لجهودها في تعزيز التعاون بين اتحاد الكتاب العرب ومؤسسة بيت الحكمة في العراق والذي سيتوج بمؤتمر علمي بمشاركة اتحاد الكتاب في سورية قبل نهاية العام الحالي.