افتتاح الندوة الوطنية للترجمة ودور التقانات في رسم وجهها الحديث

الثورة – سعاد زاهر:
شهدت القاعة الرئيسية للمكتبة الوطنية اليوم حضوراً لافتاً من المترجمين، الكُتّاب، الأكاديميين، والمهتمين بالشأن الثقافي، بمناسبة افتتاح الندوة الوطنية للترجمة التي نظمتها وزارة الثقافة والهيئة العامة السورية للكتاب، تحت عنوان “الترجمة في التقانات الحديثة”.

افتتح الحفل بكلمة ترحيبية لمدير الهيئة العامة السورية للكتاب وائل حمزة، الذي أكد أن الندوة تأتي ضمن رؤية وزارة الثقافة لتعزيز التكامل بين الإبداع الإنساني والتقنيات المعاصرة، مشيراً إلى أن الترجمة لم تعد مجرد نقل كلمات من لغة إلى أخرى، بل أصبحت تجربة تفاعلية بين الإنسان والتكنولوجيا.

وأضاف حمزة: “نحن في مرحلة تحول تاريخي يتطلب منا أن نفكر في الاتجاه الذي كان سائداً، وأن نواكب تطور التقنيات الذكية التي تشهدها العالمية.

نحن مع التطور التكنولوجي الذي يشمل الذكاء الاصطناعي، لأننا نريد أن نواكب باقي دول العالم المتقدمة، لكي نساهم في بناء وطننا وتطويره”.

وقال حمزة: رغم أن هذه الندوة هي تقليد سنوي، إلا أنه من الضروري أن تكون تقليداً متجداً، ثابتاً في تاريخه، وواضحاً في مضمونه.

نحن بحاجة إلى فكرة جديدة تحمل الترجمة الوجه التقني، وفي الوقت نفسه، تحقق الوجه الصحيح للترجمة.

نعم، هناك تقدم ملحوظ في الترجمة الآلية، ولكن أحياناً نرى ترجمات مضحكة من الآلات الحديثة، التي تفقد كثيراً من المعنى والروح.

نحن بحاجة إلى استخدام التقنية الحديثة، ولكن مع الحفاظ على التواصل الشعوري والترجمة التي تلتقط جوهر النص.

وبين حمزة: أنه من المهم ألا نغفل عن دور الإنسان المترجم، فهو عنصر أساسي في العملية، بينما يمكن للتقنيات أن تُسهم في تسهيل عمله وتقديم أدوات تسرع العملية دون أن تقوض جودة الترجمة، وفيما يخص خطة الترجمة في الهيئة العامة للكتاب، فهي شاملة ولا تقتصر على لغة معينة.

لدينا استراتيجية واضحة لن نترك لغة إلا ونأخذ منها، لأننا نؤمن أن الترجمة هي جسر للمعرفة والتواصل بين الثقافات.

وفي كلمته، قال رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور أحمد جاسم الحسين: “في سوريا الجديدة، التي تدب فيها روح مختلفة ناتجة عن النصر الكبير الذي حققه السوريون بعد فترة من اليأس والإحباط، نعيش اليوم لحظات من التفاؤل والتجدد.

هذه الأرواح التي تحدّت الصعاب وأعادتنا إلى وطننا، تتيح لنا الفرصة لرؤية بعضنا بعضاً مجدداً، في هذا الوطن الذي نحب”.

اتحاد الكتاب العرب، الذي يضم اليوم حوالي مئتي عضو في جمعية الترجمة، كان ولا يزال حاضراً في ترجمة الكتب من مختلف اللغات إلى العربية.

كانت الجمعية في البداية تحمل اسم “الآداب الأجنبية”، لكننا أصبحنا نطلق عليها اليوم اسم “الآداب العالمية” لتوسيع نطاق عملها وتنوعه.

لقد أصدر الاتحاد 72 كتاباً مترجماً من لغات متعددة، وما زلنا نسعى جاهدين لترجمة الأعمال من اللغة العربية إلى مختلف لغات العالم، لفتح قنوات تواصل ثقافية مع شعوب الأرض.

الترجمة بالنسبة لي لا تقتصر على كونها عملاً أكاديمياً أو مهنياً، بل هي شيء له وقع خاص في قلبي.

وفي كلمة اتحاد الناشرين ألقاها بالنيابة السيد عاطف ناموس، أكد أن “الترجمة ليست مجرد عملية نقل كلمات من لغة إلى أخرى، بل هي نقل نص كامل يعبر عن المعنى كما هو، ليصل إلى القارئ بلغة تُحاكي النص الأصلي. وعندما نتحدث عن الترجمة، نتحدث عن القدرة على إيصال الفكرة بشكل يتناسب مع ثقافة القارئ من دون أن يفقد النص أصالته”.

وأكد أن اتحاد الناشرين يهتم كثيراً بالمترجم المتخصص، لأننا نعلم أنه هو الذي يمتلك القدرة على نقل النصوص بدقة واحترافية، ونشترط أن يكون المترجم على دراية كاملة بكل من اللغتين المصدر والمستهدفة، ليضمن لنا تقديم محتوى أصيل ومتقن.

وفي رسالة المترجمين التي قرأتها “آلاء أبو زرار”، قالت: “اليوم في المكتبة الوطنية، التي تحررت وأصبحت رمزاً للعلم والمعرفة، نؤكد أن المترجم السوري حاضر بقوة في كل المجالات، وقد أثبت جدارته في شتى ميادين العمل الثقافي والعلمي”.

في هامش الندوة، التقت “الثورة” رئيس اتحاد الكتاب العرب د. أحمد جاسم الحسين الذي قال بهذه المناسبة: “الترجمة ليست مجرد عملية أخذ من لغة إلى أخرى، بل هي أخذ وعطاء، وهي بمثابة جسر يربط بين الثقافات والأفكار. وعليه، فإن اتحاد الكتاب العرب يضع خطة جديدة تهدف إلى ترجمة عدد من الأعمال السورية إلى اللغات الأجنبية، ليكون لدينا صوت ثقافي يمتد في كافة أنحاء العالم. الترجمة الأدبية، على وجه الخصوص، ليست مهمة سهلة، فمن الصعب جداً أن تصبح خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرة على نقل الروح الأدبية في النصوص كما يفعل المترجم البشري، ورغم التطورات التكنولوجية، يظل لمس الإنسان في عملية الترجمة الأدبية أمراً أساسياً”.

لقد قضيت اثنتي عشرة سنة في هولندا، وكنت أعمل في مجال الترجمة الفورية، ما جعلني أتعرف عن كثب على الفرق الكبير بين الترجمة الآلية والإنسانية.

فلا يمكن للخوارزميات، مهما كانت متقدمة، أن تعكس القيم الإنسانية أو أن تلتقط الفروق الثقافية الدقيقة التي يمكن أن تؤثر في فهم النص، وبالرغم من ذلك، فإننا لا ننكر دور الذكاء الاصطناعي في تسهيل عملية الترجمة.

يمكننا الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة في المراحل الأولية من الترجمة، مثل الترجمة الحرفية أو الأولية، لكن يبقى المترجم البشري هو من يجب أن ينقح ويصقل النص النهائي، ليكون أكثر دقة وثقافة.

وفي لقاء مع الدكتور باسم مسالمة، مدير الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب، أكد أن “الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم جزءاً أساسياً من عملية الترجمة، فلم يعد المترجم في عمله يبدأ من الصفر كما في السابق.

لقد تغيّرت طبيعة المهنة، وأصبحت الترجمة تعتمد على أدوات مساعدة ذكية تختصر الوقت والجهد”.

يتابع مسالمة: “لكن، وبرأيي الشخصي، رغم هذا التطور، فإن دور المترجم البشري لا يمكن أن يُلغى، فهناك جوانب كثيرة في الترجمة لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يؤديها بدقة، لأنها تتعلق بالسياق الثقافي وفهم خلفية النص والمصطلحات الخاصة التي لا يمكن إدراكها إلا من خلال الوعي الإنساني والثقافي.. سيبقى المترجم البشري عنصراً أساسياً في عملية الترجمة، إلا أن طبيعة عمله ستتغير.

فبدل أن يكون منفذاً حرفياً، سيصبح منسقاً ومحرراً، يوجّه أدوات الذكاء الاصطناعي ويصقل ناتجها ليحافظ على الدقة والمعنى والروح الأصلية للنص”.

إن الذكاء الاصطناعي سيفتح أمامنا آفاقاً جديدة في مجالات الترجمة، وسيخلق فرص عمل جديدة مرتبطة بصناعة المحتوى والترجمة التقنية.

وفي هذا السياق، تولي الهيئة العامة السورية للكتاب اهتماماً كبيراً بتبني التقنيات الحديثة في مجالات صناعة المعرفة والترجمة، وذلك بدعم ورعاية كريمة من وزارة الثقافة، بهدف رفع المستوى الثقافي والفكري لكل أبناء سوريا، وجعل الترجمة رافداً حقيقياً لتطور الفكر والوعي في المجتمع.

وفي تصريح لصحيفة “الثورة” قال الدكتور عبد النبي اصطيف: “نحن نعيش اليوم في عصر التقنيات المتسارعة، حيث تقف وراء هذه الثورة الهائلة في وسائل الاتصال منظومات معرفية وتكنولوجية تُحدث تحولاً عميقاً في حياتنا اليومية وفي طريقة تفاعلنا مع العالم.

إن الترجمة، في جوهرها، ليست مجرد نقل نص من لغة إلى أخرى، بل هي انتقال من ثقافة إلى ثقافة، وجسر للتفاعل الإنساني والمعرفي بين الشعوب.

ولذلك، فإن تيسير هذا التفاعل عبر استخدام التقنيات الحديثة يُعد خطوة مهمة وضرورية في سبيل تطوير عملية الترجمة وجعلها أكثر فاعلية ومواكبة للعصر”.

“إن التقدم التقني الذي نشهده اليوم، يجب أن ينعكس على بلدنا بشكل إيجابي، خاصة في مجال المعرفة والثقافة والترجمة، حتى نتمكن من مواكبة التحولات العالمية والاستفادة من الإمكانات الهائلة التي توفرها هذه التقنيات”.

وفي محاضرتي أسعى إلى لفت الانتباه إلى أهمية التقنيات الحديثة في مجال الترجمة، من خلال عرض نماذج حية ومعاصرة لهذه الأدوات الرقمية المتطورة، والتي تم العمل عليها لأكثر من أسبوعين بهدف توضيح مدى قدرتها على تطوير الأداء اللغوي والفكري للمترجمين، وتنبيه المختصين إلى ضرورة الإفادة منها بوعي واحترافية.

آخر الأخبار
"بوابة العمل" تصنع الفرص وتستثمر بالكفاءات المعرض الدولي لإعادة الإعمار فرصة جديدة للبناء في سوريا "المركزي": تفعيل التحويلات المباشرة مع السعودية يدعم الاقتصاد لجنة "سلامة الغذاء" تبدأ جولاتها على المعامل الغذائية في حلب "إعمار سوريا": نافذة الأمل للمستثمرين.. وقوانين قديمة تعوق المسيرة محافظ حلب يفتتح ثلاث مدارس جديدة في ريف المحافظة الجنوبي تعاون بين "صناعة دمشق" ومنظمة إيطالية لدعم التدريب وتأهيل الشباب الرئيس الشرع يبحث مع الأمير بن سلمان التعاون الثنائي آلية جديدة لخفض تكاليف إنتاج بيض المائدة في دمشق وريفها  سوريا تعلن اعترافها الرسمي بجمهورية كوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة  الرئيس الشرع خلال جلسة حوارية في الرياض: السعودية تشكل أهمية كبرى للمنطقة وسوريا ركيزة أساسية لاستقر... 2500 فرصة عمل في ملتقى بوابة العمل الرابع بدمشق "الرياض 2025".. ضوء أخضر لجذب الاستثمارات العالمية إلى سوريا الشرع يلتقي السواحة وأبو نيان والجاسر في الرياض خبير نفطي يقترح خطوات إنقاذية لقطاع النفط المتهالك الوفد السوري يشارك في لقاء النخب الاقتصادية بالرياض عاصم أبو حجيلة: زيارة الشرع للرياض تعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة دمشق الذكية.. من ماروتا وباسيليا إلى مدينتين خضراوين "تقانة المعلومات": خطوات ثابتة نحو أمن رقمي متكامل مشاركة سوريا في "مبادرة الاستثمار" رسالة اطمئنان للمستثمرين