الثورة – آنا عزيز الخضر:
تعتبر قصص الأطفال المأخوذة من التراث، والتي يتفاعل معها الطفل، من أكثر الأنماط الأدبية جذبًا. تعتمد هذه القصص على الخيال، وهو العنصر الأساسي في أي وسيلة ثقافية تتعامل مع عالم الطفولة.

في مسرح الطفل، تتعدد الاتجاهات وتفتح أمامه إمكانيات واسعة. ذلك يتيح للطفل الفرصة للتفكير، والاستفسار، وتحفيز روح المبادرة لديه. كما أن الحكاية التي تُعرض بوجوه متعددة، وأسلوب مختلف، وألوان فنية متنوعة، تُسعده وتُسليه وتُعلمه، خصوصًا إذا كانت العروض تستثمر هذه المعطيات بالشكل الأمثل. يظهر ذلك جليًا في العرض المسرحي “جحا والكنز”، الذي أعدّه وأخرجه سعيد عطايا. في هذا العرض، طرحنا سؤالًا حول المفردات التي يحتاجها مسرح الطفل لجعل العرض مفهومًا وجذابًا؟ وقد بدأ عطايا حديثه مع صحيفة الثورة عن خصوصية مخاطبة الطفل وأهمية بعض المعطيات في عالم مسرح الطفل.
شروط عرض مسرح الطفل الفعّال
من أولى هذه المعطيات أن يكون العرض تفاعليًا، قادرًا على جذب الطفل إلى عالمه بأسلوبه الخاص، بلغة بسيطة، وحوار سلس، وأحداث تشويقية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تُقدّم الحكاية بطريقة تُوضح للطفل الدروس التي يمكنه تعلمها منها. في “جحا والكنز”، كانت شخصية جحا التراثية، التي يحبها الأطفال، تحمل دروسًا حول الحب، والتعاون، والصدق، ومحبة الناس، وهي قيم تمثل الكنز الأهم في الحياة.

قضايا تربوية
وفي عرض “فلة والأقزام السبعة”، تناولنا قضايا بيئية، وتربوية، وتعليمية. يمكن لمسرح الطفل أن يقدم أفكارًا غنية ومعلومات قيمة إذا استوفى شروطه المتميزة، واتبع الأساليب الفنية والدرامية التي تجذب الطفل إلى عالم العرض، وتستطيع إقناعه بأسلوبها الترفيهي.
أهمية الشخصيات
وحول عوالم العرض، قال الفنان عطايا: “نركز في كثير من الأحيان على شخصيات لها حضور قوي في ذاكرة الطفل عن قصد، لكي نُقرّب الطفل منها، ونُعيد تقديمها بشكل جديد وحكاية جديدة”. من المعروف أن الخيال هو العنصر الذي يأخذ الطفل إلى الإبداع في جميع المجالات، ومن هنا نعمل على توظيف هذه الشخصيات بشكل دقيق يتناسب مع شخصية الطفل، مما يجعل مسرح الطفل يؤدي مهامًا تثقيفية، تربوية، تعليمية، وسلوكية، بالإضافة إلى الجانب الترفيهي الذي يُعد الأكثر أهمية في العرض.
التكامل الفني
في مسرح الطفل يرتبط الجانب الترفيهي مباشرة بالأسلوب الفني الذي يتضمن أحيانًا بعض الملامح الاستعراضية والموسيقية التي تتكامل ضمن سياق العرض، مما يُعزز من تأثيره على الطفل.
في الختام، يُعد مسرح الطفل أحد الأدوات الثقافية الفاعلة التي تساهم في تشكيل وعي الأطفال وتعزيز خيالهم. فهو لا يقتصر على التسلية فقط، بل يُعد مساحة غنية للتعليم والتوجيه من خلال القيم الإنسانية والتربوية. كما أن اختيار الأسلوب الفني المناسب والتفاعل مع الطفل عبر الشخصيات والقصص التراثية يُحفّز الإبداع ويسهم في بناء شخصية الطفل. ومع التزامنا بالشروط الفنية والتربوية الصحيحة، يصبح مسرح الطفل وسيلة مؤثرة وممتعة في نقل الدروس الحياتية، ممّا يعزّز من دوره كمحرك للتغيير الإيجابي في المجتمع، ويُساهم في تأسيس جيل قادر على التفكير النقدي والمبادرة.
