لا أعرف إن كان المضي بأي برنامج أو حملة أو مشروع عملت عليه الجهات المعنية بأي قطاع طوال السنوات الأخيرة واستكملته بالمعالجة والإحاطة بكل تفاصيله من ألفه إلى يائه أمراً مستحيلاً وغير قابل للتحقيق، هل يعقل عدم القدرة التي نشهدها من قبل العديد من أصحاب القرار بإدارة ملفات مهمة؟ دون التمكن ولو من الوصول لمنتصف الطريق على أقل تقدير.
والإجابة عما تقدم والحديث بهذا المجال ذات شجون والملفات والقضايا الاقتصادية والصناعية والمعيشية، وغيرها الكثير مما طرح على طاولة الحوار والنقاش بعناوين كبيرة ووعود ادعت جميعها أن ما قبل هذا اللقاء ليس كما بعده، وهذا الملف أو ذاك سيوضع على سكته الصحيحة، وسيحاسب كل من يخالف أو يستغل ظروف البلد وحاجة الناس إلا أن الواقع أظهر تراخي يد المحاسبة والتجاهل من قبل أصحاب القرار، ما ساهم بشكل كبير في استمرار تراجع الأداء والإنتاجية في القطاعات المستهدفة، وفي أحيان كثيرة تفاقمها، لا بل أعطى الضوء الأخضر للتجار والمستوردين والمستغلين ومقتنصي الفرص للمضي في تجاوزاتهم وتحديهم الذي فاق كل ما يندرج ضمن مبادئ وأخلاقيات العمل التجاري التي يفترض أن يجسد في مثل هذه الأوضاع التي تمر على البلد.
ولعلّ ملف التهريب الأكثر حضوراً كمثال عن رجحان كفة الكلام والوعود بمعالجته على كفة النتائج والمعالجة، ورغم تأكيد الجهات المعنية أن المواد الكمالية غير مسموح باستيرادها، إلا أن هذه المواد منتشرة في الأسواق وواجهات المحلات، وتستغرب فعلاً السهولة التي وصلت فيها للأسواق لا بل وعرضها بأسعار مرتفعة جداً تحت مرأى الجهات الرقابية، ولا يقتصر الأمر هنا بل يتعداه على سلع ومنتجات يستغرب المرء فعلاً كيف دخلت البلد ؟.
سنوات وأسواقنا تغزوها المهربات بأنواعها، وخرافنا ومازوتنا وحتى خضارنا تهرب والمواطن يعاني القلة وارتفاع الأسعار الفاحش واستغلال التجار، ومع ذلك ندور بالحلقة المفرغة نفسها، كلام وتهديد واجتماعات تكرر والغلة من كل التصريحات الحالية وما سبقها تكاد تكون صفراً، والدليل ارتفاع بورصة التهريب داخلاً وخارجاً لمستويات غير مسبوقة تستدعي من الجهات المعنية كافة التوقف ملياً أمامها والتعامل بحزم بات أكثر من ملح.