أ. د. جورج جبور:
موسم بايدن الراهن يذكرني بموضوع فكري، وبقاض استئنافي، وبعلامة عربي عالمي هو أ. د. عبد الوهاب المسيري.
توصف الانتخابات الرئاسية الأمريكية بأنها أهم انتخابات في العالم. لن أناقش دقة هذا القول. أحب أن أتذكر كلمة فتى لبناني الأصل أمريكي الولادة حين سألته قبل حوالي نصف قرن إذ كان يزورنا مع والده.
سألته: ما تأمل أن تكون في المستقبل؟ قال بثقة: سأكون أول رئيس أمريكي من أصل عربي.
إلا أن موسم بايدن الانتخابي الراهن لا يذكرني فقط بذلك الفتى الذي أبحث عن اسمه فلا أجده بين المتنافسين، هو موسم يأخذني مباشرة إلى التنافس الرئاسي ضمن الحزب الديمقراطي عام 1987 قبل عام من انتخابات 1988 التي فاز فيها الجمهوري جورج بوش.
لماذا؟ لأن بايدن اضطر فيه إلى الانسحاب من السباق الرئاسي ضمن حزبه, الحزب الديمقراطي بعد أن اضطر إلى الاعتراف بأنه سرق فقرات مطولة من خطب سياسي بريطاني ووضعها في خطبه.
الملكية الفكرية. أمر شغل بالي منذ الفتوة. ربما بأثر من مدرس اللغة العربية وهو بشرح بيت شعر جاهلي مطلعه: ما أرانا نقول إلا معاراً.. أو معاداً من قولنا مكروراً.
منذ عام 1987 وجدت في بايدن ما لا يشجعني على الإعجاب به، صحيح أنه اعتذر وأنقذ نفسه واستطاع لاحقاً أن يفوز، إلا انه ذات يوم مارس السرقة ولو لم يضطر إلى الاعتذار لما اعتذر.
في وقت لاحق أخذت انظر إلى فضيحته بعين أكثر رحمة. منذ 1989 فوجئت –
وما أزال متفاجئاً، لا أود أن أصدق – فوجئت بمستشار محكمة استئناف في دولة عربية ينقض على بحث لي فيجعل من نفسه سارقاً النص بشهادة مكتوبة من رئيس اتحاد الكتاب العرب بناء على تقرير لجنة مختصة أحد ثلاثيها تحمل مسؤولية عضو في محكمة النقض.
أضع لمطلع كل شهر عدة مداخل يجدر بي كما أرى التجول فيها خلال بعض أيام الشهر. أحد مداخل شهر تموز علامة لم أعرف مثيلاً له في دقة التعامل المهني والودي. إنه عبد الوهاب المسيري صاحب موسوعة عن الصهيونية أعود إليها بين وقت وآخر.
كانت وفاته في أوائل تموز 2008. هو عندي ملك احترام حقوق المؤلف، كان علي أن أجعل مناسبة انتقاله إلى رحمة الله موسماً لفلسطين.
لكن قاتل الله وسائل الإعلام الغربية، هي جعلت موسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأكثر جدارة بالاهتمام، فطفا على السطح سارق قديم يدافع عن نفسه اليوم ضد من يتهمه بضعف وعيه لما ولمن حوله.
ثم أن المخيف للعالم في هذه المعركة الرئاسية أن المنافس مؤهل للمحاكمة كما قررت ذلك هيئة محلفين.
هل تكون أمريكا – ولها مكانها في العالم- بين مشكوك بأمر قدرته على إدراك ما حوله وبين من ترى جمهرة حوله أنه مجرم؟
ملاحظة: ثمة مصادر مكتوبة متداولة لما ورد في المقال من وقائع أضعها أمام من يود، وأحيي صديقاً شغل مسؤوليات ثقافية هامة وهو الآن يقوم بإعداد رسالة عن حقوق المؤلف تؤهله لممارسة المحاماة في سورية.
* عضو لجنة خماسية شكلتها اليونسكو لإنشاء مساق مقرر جامعي عن الملكية الفكرية في الجامعات العربية.