“المرأة المثقفة ودورها في النهضة المجتمعية” على طاولة البحث لرابطة البيان

الثورة -رفاه الدروبي:

يعتبر البحث في القضايا المتعلقة بالمرأة بشكل عام والعربية خاصة من المسائل الشائكة، بسبب ما يحيطها من قراءات تختلف وتتباين حسب وجهات نظر معروفة بموروثات مجتمعية تؤثر على دورها، فكانت محور نقاش وحوار في ندوة عنوانها “المرأة المثقفة ودورها في النهضة المجتمعية” دعت لها رابطة البيان بالتعاون مع مديرية الثقافة في دمشق، شارك فيها مديحة ونجاح باراوي، سلوى شعبان، وأوس أسعد، لارا ستيتي، أدارت الندوة لما بدران في ثقافي أبو رمانة.

تلاقح الآراء
الدكتورة مديحة باراوي استهلت حديثها حول الطروحات عن هدف الندوة لخصته بتبادل وتلاقح الآراء لوضع اليد على أبرز الإشكالات المجتمعية المعيقة لحركة تطور المرأة والرجل ليقفا معاً يداً بيد في مواجهة التحديات القسرية، متناولة في المحور الأول: إشكالية الازدواجية لدى الرجل الشرقي، والمخزونان المعرفي – الثقافي المكتسب القائم على منطق العقل والآخر التربوي- المجتمعي العام المشبع برواسب العقل، ومنها الرجولة وتتمثل بمفهومين اجتماعي شرقي مكتسب من الثقافة السائدة، والثاتي قيمي يشمل أسمى قيم الشهامة، والمروءة وأرقى مواقف النخوة والكرم، فإذا كانت الأخلاقيات النبيلة نفسها، والقيم الشرقية العربية الأصيلة؛ يتسم بها الرجل في مجتمعاتنا اعتبرتها أكثر الإشكاليات المثيرة للجدل رسمياً، وتدور حول شخصية الرجل الشرقي، وما يحمله من ازدواجية، وتناقض في الأفكار، والمواقف والسلوكيات لديه في تعامله مع المرأة حيث ينهج لنفسه مايمنعه عنها، ويحرِّمه عليها بكل ما أوتي من سلطة مدعمة بالقانون الذكوري المسيطر على العقلية العامة كونها الصورة الذهنية الراسخة.

مصير معقد
ورأت الدكتورة نجاح باراوي بأنَّه يجمعنا موضوعا اجتماعيا مصيريا معقدا تختلف حوله وجهات النظر؛ إنَّ دور المرأة الإنساني كوجود مستقل في مجتمعنا يوضعنا على محك شائك يترنحُ تحت وطأةِ ضغوطٍ مثقلة بحمولةِ واقع متردٍّ نعيشُه في معترك أزمات،  وإرث يكبلنا بتقاليد وأعراف سائدة لم تعد تناسب تطلعات حياتنا المعاصرة، رغم كل ماتحمله أدبياتنا وكراريسنا من تقديس للمرأة، ومكانتها في الأسرة، والمجتمع وكلِّ ماوصلت إليه من مناصب قيادية مهمة فلا زال وضعها في مجتمعاتنا بائساً، وتعاني اضطهاداً، وتبعية واستغلالاً بدرجات متفاوتة، وأصبحت المثقفة تعاني من الضغوط الأسرية والمجتمعية حتى يغدو تحررها لايختلف جوهرياً عن كلِّ مايحمله ماضيها من قشور حضارية مسطحة على الأبعاد الخارجية، لافتةً إلى أنَّها تتعايش في الأوساط الشعبية مع أيديولوجيا العقلية الذكورية المشبعة بتقاليد  وأعراف السلطة الأبوية المهيمنة على ذهنية مجتمع يعيد إنتاجها لتربية الأجيال الناشئة عليها استناداً إلى مُثُل دخيلة محمولة على الكاهل ردحاً طويلاً من الزمن،  وأدت إلى شخصنة الخصومة، واتهام الرجل بتلقائية، ومباشرة للتنفيس وتخفيف أثقال واقع محبط أصابها خلال أزمة انعكست سلباً عليها، وعلى بنيتها السايكولوجية فضاعفت صراعاتها الداخلية، المرتبطة  بسلسلة تاريخية متشابكة من سيطرة الذكورة، والتعاليم والوصايا السسيولوجية الداعية إلى اعتبار المرأة كائناً قاصراً بإيديولوجيا ضعيفة هشة قابلة للكسر، جسماً وعقلاً كالقوارير، كان لها الدور الأكبر في تبرير وتكريس تبعية المرأة، واستبعادها عن المراكز القيادية الحساسة، والأدهى أنَّها استفحلت، واستشرت لدرجة التباهي بها كصفات أنثوية براقة جاذبة لعقلية ذكورية تقليدية أضفت عليها المسلمات، والأعراف صفة الثبوتية في الأوساط الشعبية، لأنَّها أخذت تشكِّل عائقا قوياً على طريق وجودها واستقلاليتها.

توليفة إلهية
كما تحدَّثت الدكتورة سلوى شعبان عن “دور المرأة في نشر الوعي المجتمعي والصحي والقانوني والدعم النفسي”، وأوضحت بأنَّها توليفة إلهية عجيبة ممزوجة بعاطفة، ودفء، مشبعة بأنوثة غريبة صلبة قوية. إنَّها حاضنة المجتمع، وقوة تغيير، وبناء العقل المدبِّر والخلية الفاعلة في تهيئة المجتمع قديماً وحديثاً، مشيرةً إلى أنَّ الوعي المجتمعي عنصراً أساسياً لتفهم الواقع واحتياجات الآخرين، والمقدرة على بناء علامات، واتصالات متنوعة كانت المرأة داعمة للوعي، وساعية لتحقيق وجوده حيث تضع استراتيجية دخول العالم، وفكر الأبناء، وترسيخ وتربية مفاهيم الحياة، والقيم والمبادئ، وتعطي شيفرات التعامل الأولى لأولادها لتفك أي تعقيد في الدروب، وتفسح المجال لانتشال كلِّ جديد، بينما أكَّدت على أنَّها تسعى لأجل أبنائها لتكون السبل، والطرق الأكثر سهولة، وتوجد الحلول الدائمة لأيَّة معضلة في البدء ضمن إطار أسرتها، والجريئة الساعية دوماً، وعبر الندوات والمحاضرات والمبادرات، لتتحدث عن العنف والتحرُّش والتميُّز المجحف بحقها في نواحي المجتمع وتفاصيله، ولعلَّ الجانب الأكثر حساسية الجانب النفسي والصحي.

معادلة الوجود
الأديب أوس أسعد بيَّن أنَّ مفهومي المرأة والرجل إشارتان ثقافيتان لمصطلحات المؤنث والمذكر، وبالمعنى الإنساني الحضاري المتكافئ لمعادلة الوجود البشري، ويبرز واضحاً الدور الاجتماعي للمثقف ورسالته حيث يرى أنَّ المرأة عضو يمتاز بصفات تشكيل الحيوية على عكس التقليدي، وكأنَّه  واقف مكانه لا يتحرَّك يؤدي إلى العمل ذاته مؤيداً لمقولات الفكر ومكرساتها، وقرن صفة المثقف بالإبداع، موضِّحاً بأنَّه لن يكون للمرأة دورها الحقيقي في النهضة المجتمعية مالم تتجرأ على كسر أنوثتها وقيودها المادية والنفسية، كونها حولتها إلى شخص خائف مستلب الإرادة، مستنداً إلى قول الكاتبة اللبنانية الشابة حنين الصائغ في روايتها الجميلة ميثاق النساء:
“كنت كل مرة أسمع أبي يصيح أو يؤنِّب إحدى أخواتي أصاب بحالة تشبه الخرس ويتصبَّب العرق من بين يديه اللتين تتحولان إلى قبضتين صلبتين، وتدخل جميع أظافري في لحم يدي فأقف بجانب الحائط محاولةً التماهي معه وكأنني غير موجودة”، منوِّهاً إلى مافعلته نوال السعداوي في كتبها، ورواياتها المهمة، ومواقفها الجريئة المشهودة والمعروفة، كما فعلت قبلها بكثير الجدة الكبرى” ليليت” كونها أعادت إحياء ذكراها الشاعرة اللبناتية جمانة حداد في ديوانها الجميل يحمل نفس الاسم.

تتحمل الأعباء
بدورها الدكتورة لارا ستيتي أشارت إلى ما تتعرَّض له الأنثى من تراكمات كثيرة رافقتها تحديات تمثَّلت في أمور شتى، منها: التحدي الأكبر المواجه للمرأة العاملة والمتمثِّل بأنوثتها ما تستدعي بعض القوانين والأنظمة المجتمعية، وصعوبة التوفيق بين الدور العائلي والنشاط الاجتماعي، ومنافسة الرجل باعتباره يقوم بعمل واحد فقط؛ بينما تتحمَّل المرأة أعباء عدة، ووصلت إلى مراكز في أكبر المؤسسات، وحصلت على شهادات تعليمية عالية، واكتسبت مهارات جمَّة مطلوبة في أسواق العمل أسهمت في زيادة فرص عملها، منوِّهةً إلى قدرة المرأة على التفكير الإيجابي وحضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة، وإصرارها على الوقوف بجانب الرجل، ومساندتها له دليل على أنَّها طاقة لا بدَّ من تعزيز دورها، وتذليل صعوبات، وتحديات تواجهها.

 

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم