الثورة – رفاه الدروبي:
وقَّع الدكتور يوسف حطيني كتابه الجديد تحت عنوان “يوم عادي في حياه عرفان” شارك في الندوة الدكتوران حسن حميد وآداب عبد الهادي، أدارها الكاتب أيمن الحسن في فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب العرب، بحضور رئيس الفرع الدكتور إبراهيم زعرور.
الأديب أيمن الحسن استهلَّ حديثه بأنَّ الدكتور حطيني يحمل الوفاء لبلده الثاني سورية، ويعمل على إحضار نتاجاته كي يُقدِّمها بين أيدي الجمهور السوري كونه يضمُّ الكثير من المثقفين والأصدقاء، إضافة إلى زملائه الأدباء الفلسطينيين، لافتاً إلى أنَّ الرواية لديه تعبِّر عن رؤيته لحالة اغتراب وشتات يعيشه الفلسطيني قادراً على أن يعطي الجنس الأدبي حقَّه، فالروايه حالة سرد طويل لها دورها، دلالاتها، عمقها، حوادثها، شخصياتها باعتبار يمكن أن يؤسِّس عليها القارئ الكثير مما يُمكن أن يقوله لأنَّها ليست الروايه الأولى له ما يعطيه أهمية أكبر، ويمكن اعتبار الكاتب سورياً لأنَّ ثقافته تنبع منها كونه عضواً في اتحاد الكتَّاب والصحفيين الفلسطينيين في دمشق، وهناك علاقه وطيدة معه جعلت المسائل تأخذ بُعداً من المحبة والعمق.

سيرة ذاتية..
وبيَّن الكاتب يوسف حطيني بأنَّ السيرة الذاتية في روايته تتعانق مع كل فلسطيني، عاش التشرد والنفي ومشاكل الجوازات والمطارات، كأنَّه يوم استثنائي مكرر في حياة عرفان، مليء بالمشاكل والأفكار والاستذكارات، لكنَّه يتكرر مايعطيه صفة الاعتيادية، موضِّحاً بأنَّ الرواية تقوم على الضغط الزمني في يوم واحد من خلال تقسيماته صباحاً، ظهراً، مساءً، مايتيح الفرصة للاستذكارات، ويحيل بعضها إلى المثيولوجيا، وبعضها الآخر إلى الحكايات الشعبية، وكلَّها تتحدث عن أشخاص يريدون العودة إلى الوطن.
الحنين إلى الماضي..
الدكتورة آداب عبد الهادي أشارت إلى أنَّ الرواية صادرة حديثاً عن ديلمون الجديدة، تضمُّ بين دفتيها ١٧٤ صفحة من القطع المتوسط، كانت صورة الغلاف الأول لرجل غامض الملامح، كتب على الغلاف الخلفي: “قد ترى أيضاً أنَّك تركب وحيداً في إحدى عربات قطار بعد أن نزل جميع الركاب، والقطار لا يريد أن يتوقف أو ترى نفسك في غرفة فندق حيث لا زبائن ولا أصدقاء أو تكون وحيداً على جسر في مواجهة لوحات مرورية تشير إلى أنَّ السير ممنوع في كل الاتجاهات، تتعدد كوابيسك منذ وعيت على الدنيا ولكنَّك في كل يوم تستيقظ من فراشك فزعاً وأنت تصرخ بحرقة أريد اليابسة”.
الدكتورة عبد الهادي رأت بأنَّ الكاتب حطيني يعطينا صورة كبيرة عن حالة الضياع، والتوهان من خلال تقسيمه الرواية إلى فصول حسب أوقات اليوم صباحاً، ظهراً، عصراً، فمساءً، مُتَّبعاً أسلوب تدوين مقاطع شعرية لكبار الشعراء والأدباء، تضمَّن في طياتها بعض اللحظات الجميلة اللطيفة لأحداث حزينة فالحلم فيها حالة طبيعية، مؤكِّدة على أنَّ الرواية تشكَّل ضغطاً نفسياً لقارئها تذكِّره بأرض فلسطين، رغم أنَّ الفلسطينيين يعيشون في سورية بحالة اندماج، ولاتعرف جنسيتهم كونهم يحملون نفس الطباع إلا أنَّ الكاتب يصور في كل صفحة من صفحات الرواية حالة الضياع، والهوية والاغتراب فتحمل في طياتها الحنين إلى الماضي إلى أيام صلاح الدين الأيوبي رغم أنه ولد في سورية وعاش وتلقى تعليمه فيها.

دالة على شغفه..
بدوره الدكتور حسن حميد اعترف بأنَّه اعتاد اشتياقاً، مازال يلازمه لمتابعة كلّ صاحب شغف بالكتابة أياً كانت جغرافيته وأياً كانت أجناسه: الأدب، أو الفكر، أو فن شغل به، ذلك لأنَّه كان يبحث، ولم يزل عن سرٍّ يجعل المرء مأخوذاً ومستلباً من أجل عشق ما، أو طموح ما، لأنَّ من يمشي في درب العشق يصل، لافتاً إلى أنَّ متابعته لحطيني منذ نصوصه الشعرية الأولى، جعلته يفرح به وبها لأنَّها كانت دالة على شغفه وهويته.. دالة على عشقه، ففيها تربخ أحزان الفلسطينيين مثلما تربخ فيها أحلامهم أيضاً، ورأى فيه سلوكاً محتشداً بالتعب الجميل، لكن لكتابه قصيدة نافعة مثلما ما تريده أسئلته، وتطلبه من موانئ وسلالم كيما يتصل غلالاً إلى ما تهدف إليه، والأهمَّ عنده في سلوك يوسف كان الحياء المعرفي، ووصفه بالآدمية، والبعد عن الادعاء، أو التطلع إلى الاستعلاء، وعنده صفة الآدمية سامية في جمالها، مثل سمو جمال الأدب الآبد في حضوره. إنَّها آبدة في معانيها؛ بينما الأدب تتخطفه الأزمنة فتبديه طوراً؛ وتواريه طوراً آخر، وفق لحظات التوفيق من عدمه، وعنده أيضاً أنَّ التواضع تاج الآدمية وبابها، وأنَّه حكم السلوك، وصار زينة الحياة؛ أمَّا الاستعلاء فحكم السلوك لذا رماه لأنَّه مهلكه.
كما عرَّف الدكتور حسن بآخر رواية كتبها يوسف الشاعر والأستاذ الجامعي والفلسطيني ابن بلدة حطين جارة بحيرة طبريا نسباً جغرافياً، وحضارياً وتاريخياً، ونسباً للمعاني الثقال حين نتحدث عن سيدنا عيسى بن مريم كان يأتي إليها طريداً ليعرف الأمانة بين أجمات القصب ولينجو من الأفعال الناقصة لأهل السلوكيات الناقصة لأنَّه عرَّاهم بقول الحق وكشف ستائر الباطل، وشقَّ قلوبهم دفق منها دم أسود كالقطران مرة، وصديد قبيح اللون والرائحة في أخرى، ودنانير نمت في رحم الزيف، والمكيدة في ثالثة، على الرغم من شواغل يوسف الأدبية شعراً، ونقداً، وسروداً روائية يظل في بال شاعر أحبَّه وعشق موضوعات قصائده، وألف انتباهات
زوايا التقطتها عينه الرائيه النفوذ، وآخى ظلال صوره الهابطة من عالم المجازر مرة والصاعدة إليه في أخرى.
من جهتها مديرة دار دلمون الجديدة عفراء العلي تحدثت بأنَّ الدار تقدِّم لقرائها رواية الدكتور يوسف حطيني، “يوم عادي في حياة عرفان، لتشكل قيمة مضافة إلى ماأنجزوه من مشاريع ثقافية تمثّلت بأنشطة وفعاليات، وإصدارات كانوا يتوخون فيها النوع لا الكم، ويطَّلعون إلى مقاربة المرحلة، والواقع المارة به منطقتنا، وماأفرزته من أحداث، وتداعيات أرخت بظلالها على طبيعة منشوراتهم، مؤكِّدة على التزام الدار باستقطاب المبدعين أصحاب الأقلام الحرة، والفكر النزيه المترفع عن اعتبارات الانتماءات الضيقة؛ والمنحاز إلى القضايا الوطنية والإنسانية الكبرى، لذلك كان احتفاؤهم بإصدار رواية الأديب، والناقد، والشاعر الدكتور يوسف حطيني في تعاونهم الأول باعتباره أحد أعلام الثقافة المعاصرة، والمتنوعة في اتجاهاتها الفكرية، ومدارسها الفنية وتلبي متطلبات المرحلة، وتعطش القارئ العربي إلى مايثري فكره، ويحصِّن عقله أمام موجات التغريب، والغزو الثقافي، دفاعاً عن الهوية، وأصالة الانتماء، كون الدكتور حطيني بسعة علمه، وتنوع ثقافته أحد حراس القضية، وفرسان مرحلة يعول عليهم في تحصين الأجيال والذود عن الوطن السليب، والتوثيق لقصص البطولة، والفداء، والانتصار للمقاومة في حربها الشعواء ضد عدو الأرض والإنسان.