الثورة – رفاه الدروبي:
نظَّم فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب العرب – فرع دمشق- ندوةً بعنوان “فيلسوف الأطباء” شارك فيها الدكتوران: أحمد غنَّام، ومحمد ياسر، أشرف وأدار الجلسة الدكتور عصام شيخ الأرض، بحضور الدكتور إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب العرب، وجمهور من المثقفين والأدباء.
بدايةً استهلَّ الدكتور أحمد غنَّام حديثه عن ابن سينا المتميِّز بشخصية فذَّة متنازع فيها بين مؤرِّخي الفلسفة والطب، مُشيراً إلى أنَّه فيلسوف الأطباء وطبيب الفلاسفة. ولد في بخارى في ربوع الدولة السامانية، وألمَّ بعلم النحو في العاشرة من عمره ثم خاض غمار الرياضيات والطبيعيات والفلسفة والطب.
وأشار الدكتور غنَّام إلى أنَّ فيلسوف الأطباء عالي الشأن رفيع المنزلة يتولَّى الوزارة لعلاء الدولة البويهية، ويقضي كثيراً من وقته في التدريس والتصنيف، حيث انتشر ذكره في الآفاق، وعلَّم الخاص والعام بمهارته في التطبيب وعلاج مرضى العقول. وكان ابن سينا ماهراً في الطب وفهمه للنفس الإنسانية في حالات مرضية. ولا شكَّ في مهاراته وألمعيَّته أيضاً حتى يبحث النفس الإنسانية في حالاتها السويَّة. ترك مؤلفات في الطب. ويُقال: كان الطبُّ معدوماً فأوجده أبقراط، وكان ميتاً فأحياه جالينوس، وكان متفرِّقاً فجمعه الرازي، وكان ناقصاً فأكمله ابن سينا. وله كتب في المنطق والطبيعيات كالصوت والنور وغيرهما، وفي الرياضيات والفلك والأرصاد، والموسيقى واللغة، وكذلك ألَّف بحوثاً في الإلهيات وشهرته الفلسفية والطبية الشائعة إلى جانب بحوثه وتصانيفه المتعددة الواسعة. كان قد مارس الشعر، وله أرجوزة في المنطق، وأخرى في الطب.
بدوره الدكتور محمد ياسر شرف نوَّه إلى أنَّ المعرفة السينائية حول المؤلفات، البحوث، الدراسات التخصصية المتوافرة تشير إلى أنَّ عدداً من المشتغلين بالفلسفة قد لجؤوا إلى أنواع من الحلول القسرية لالتقاء التصريح بمواقف يفرضها المنطق في قضايا مفصليَّة كبرى، أي التوقُّف عند إصدار الأحكام تجاه مشكلة وظاهرة تُحيط بنا يعتبر الإنسان العقل المتأمِّل الفاعل على الأرض، لافتاً إلى وضع ثلاثة من المفكرين لتفصيل آرائهم في ذلك، معتمدين في الأصل على كتاب يوناني وضعه “هوملوص” عنوانه: أيمن دريس، وتظهر في ثنايا حواراته عقائد المصريين القدماء حول تفسير الوجود الإنساني مع تصورات اليونانيين وخاصةً الأفلاطونية، لتعليل المعرفة والحياة والموت والخير والشر، وغير ذلك من مشكلات شغلت الفكر الإنساني منذ عصور بعيدة، مشيراً إلى أنَّ الشيخ الرئيس أطلق على منطق أرسطو اسم علم الفراسة، ورأى أنَّ الإنسان يستطيع معرفة المجهول الخفي من أحوال الظاهرة، ويعرف النتائج الصعبة من مقدمات بديهية، مُنوِّهاً إلى أنَّ الموقف السينائي التقليدي المستمد من الأرسطية وسواها تنطوي على خط منهجي لم يلحظه مَنْ اعتنقوه من المفكرين، فرفضته طبيعة قواعد المنطقية نفسها واتضح ذلك في نقطتين: الأولى: وتتمثَّل في أنّ المنطق الصوري استند في أصله على قواعد منها يكون موجوداً في المقدمات، أمَّا النقطة الثانية فكانت بمثابة بديهيات على حدِّ تعبير ابن سينا وغيره.