الثورة – ديب علي حسن:
تحيا الجزائر حرة أبية..هتافات كانت تملأ الأماكن والساحات وتصدح بها الحناجر العربية ولاسيما في سورية.
الجزائر العربية الأبية التي انتزعت استقلالها بإرادة النضال والفداء وبعد أكثر من مليون شهيد ..
الجزائر الحرة الأبية أعطت العالم الأنموذج الذي يجب أن يكون ..حققت ما أرادت بفضل نضالات أبنائها، صحيح أن الثمن كان غاليا لكنه مهر تدفعه الشعوب.
صفحات من تاريخ النضال الجزائري ولاسيما حياة المناضل عبد القادر الجزائري كان موضوع الكتاب المهم جدا والذي يأتي في اللحظة المناسبة مع اشتداد تزييف التاريخ ومحاولة طمس معالم البطولات واختراق كل صفحة بيضاء ناصعة..
كتاب ..الأمير عبد القادر الجزائري وجزائريو بلاد الشام.. وهو من تأليف كمال بو شامة.. صدر الكتاب عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق.
وهنا يجب الإشارة الى الخطوات المهملة التي يقوم بها اتحاد الكتاب العرب من حيث مد جسور التعاون والتشابك الثقافي مع المؤسسات الثقافية العربية والقيام بفعل حقيقي على أرض الواقع وليس تنظيرا .
قدم للكتاب الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب في سورية.
تصحيح التاريخ
يرى الحوراني أن مبادرة الكاتب والديبلوماسي السفير الدكتور كمال بوشامة لتصحيح الرواية التاريخية تمتلك مشروعيتها من أنها إحقاق للحق وتمكين للأجيال من امتلاك الحقائق لا الأكاذيب التي حاول المستعمر ترسيخها في غفلة من الزمن وقلة الحيلة مستقويا في هذا بطغيان قوته وبطشه لتشويه الذاكرة الجمعية وتدمير الهوية الوطنية الجامعة لشعب أو أمة أو جماعة بشرية مهما صغرت عددا عبر تشويه رمز من رموزها بعيدا عن المبادىء والشعارات التي كانوا يتباهون بها.
وتزداد أهمية تصحيح الرواية التاريخية كلما قدمت من الوثائق ما يفي بالغرض ويحقق الهدف بموضوعية وحرفية عالية، فقد يكون تزييف التاريخ أهون ما يكون حين يكتبه المنتصر وحين لا يقوى صاحب الحق على امتلاك ما يبرهن على صحة ما تطوع لإنجازه.
في كتاب عبد القادر الجزائري في بلاد الشام للكاتب والسفير الجزائري الصديق كمال بو شامة…… إضاءات مهمة للغاية لا بد من التنويه بها والسعي لإحلالها في الذاكرة بدلا مما علق بها من تشويه متعمد لشخصية فذة كان لها ومازال موقعها بين رموز الأمة ومازال عطرها الأخاذ لدى السوريين عامة ينعش الذاكرة ويمدها فخرا واعتزازا.
لقد تلقى الأمير عبد القادر الجزائري من السهام الكثيرة وهي سهام استعمارية في مرحلة تاريخية كان التنافس فيها بين بريطانيا وفرنسا قد بلغ مبلغه فتباروا في تشويه صورة من لا يقف في صفهم او يتصدى لعدوانهم ومطامعهم ولم يتوان بعضهم في اتهامه بالخيانة والعمالة لفرنسا وهو الذي أوقف الحرب حماية للجزائريين من الإبادة على يد المستعمر الفرنسي الذي خدع الأمير وغدر به ومن السلطان عبد الرحمن المغربي عام ١٨٤٤م مثلما حمى المسيحيين في الشام من بعد، متهمين الأمير الوطني والمقاوم المخلص بالماسونية سعيا لتعطيل جهاده الوطني وكفاحه المستمر.
وقد حاول المؤلف بيان الحقيقة معتمدا على الوثيقة والتحليل المنطقي وآراء شخصيات أسهمت في صناعة التاريخ الحقيقي.
بين يدي الكتاب لا يعيد الباحث بو شامة سرد أحداث ووقائع أبدا إنما يقرأ ما جرى بعين المؤرخ المنصف الذي يمتلك رؤية وطنية تعمل وفق بوصلة الوطن .
يعمل على تنقية تاريخ البطل مما حاول المغرضون إلصاقه به، لاسيما كما أسلفنا أننا نتعرض لغزو ثقافي لا يقف عند محاولة تشويه الحاضر فقط بل يعمل على اغتيال الماضي أيضا.
يقع الكتاب في ٢٤٠ صفحة من القطع الكبير .
نذكر من عناوينه المهمة:
تصحيح الرواية التاريخية وهي المقدمة التي كتبها الدكتور الحوراني .ثم من الصفحة ١٧ إلى ١٣٩ تمتد الفصول الاثنا عشر .
ليبدأ في الصفحة ١٤٥ تقديم سير وحيوات أحفاد عبد القادر الجزائري الذين استمروا في بلاد الشام إلى أن يصل إلى نهاية الكتاب المهم.
أما الكاتب كمال بو شامة فهو دبلوماسي نشأ في جو السياسة منذ نعومة أظفاره إلى أن أصبح قياديا بحزب جبهة التحرير الوطني ومن مسؤولي القيادة العليا للبلاد.
كمال بو شامة رجل ثقافة وعلم..ومازال إلى يومنا هذا يكتب ويحاضر دون انقطاع.
إنه واحد من أبطال الجزائر العروبيين .. رجل الفعل قبل القول.