مشوح تفتح صفحات الدبلوماسية الثقافية

رشا سلوم:
من جديد وكما علمتنا الدكتورة لبانة مشوح تطرح موضوعا مهما للنقاش في مجلة المعرفة السورية العدد الأخير ..
موضوع الدبلوماسية الثقافية التي هي الآن موضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية في العالم.
فمن الغزو الثقافي كمصطلح إلى الدبلوماسية ثمة خطط واسعة يجب أن تنفذ وهي ليست وليدة اليوم .
والجسور الثقافية هي الأصلب والأكثر رسوخا في العلاقات بين الشعوب تقول مشوح :

(نلحظ في الآونة الأخيرة اهتماماً ملحوظاً بنوع من الممارسة الدبلوماسية يخرج عمّا ألفتْه المدرسةُ التقليدية، وأنَّ مصطلح «الدبلوماسية الثقافية» غدا على كلِّ شفة ولسان.فمن أيِّ منظور تُرَى الدبلوماسيةُ الثقافية؟

ظهر المصطلحُ في كتاب بعنوان «القوةُ الناعمة» للجيوسياسي الأمريكي جوزيف صامويل ناي الذي شغَل منصب معاون وزير الدفاع لشؤون الأمن القومي، وهو اليوم أستاذ محاضر في جامعة هارفرد. رأى ناي ضرورة أن يكون للدولة، إلى جانب القوة القاسية، قوةٌ ناعمةٌ تنحو منحى ثقافياً ويكون لها تأثير بنفس نجاعة وأهمية القوة القاسية، تعطي زخماً لسياسات الدولة وقوةَ نفاذ، وقدرةً أكبر على التأثير والإقناع.

تفضح النتائجُ التي تمخَّضتْ عنها هذه الرؤية مقدّماتِها؛ إذ أثبتت الممارساتُ لاحقاً وما أفرزته العولمةُ الثقافيةُ من غزو فكريٍّ قلَب القيم والمفاهيم، وخرَق الخصوصيةَ الثقافية للجماعات والشعوب، وصولاً أحياناً حدَّ الاستلاب الفكري الذي يؤدي ببعضهم إلى إنكار هويته الثقافية، أثبتتْ أنَّ النوايا البعيدة للدبلوماسية الثقافية كما أرادها المنظِّرُ الأمريكي لم تكن بالبراءة التي أوحَى بها.

من البديهي والمشروع أن تركِّز الدبلوماسية الثقافية عموماً على الثقافة كهويةٍ للشعوب، وأن تُسخِّر البعدَ الثقافي لخدمةِ مصلحةِ الدولة. لكنْ أن تتحوَّل إلى قوةٍ ناعمةٍ؛ للغزو والتضليل والاستلاب الفكري؛ فهذا ما يُخرج الثقافة أصلاً عن جوهرها وأغراضها.

الدبلوماسيَّة الثقافيَّة من منظورنا عملية تواصلٍ ثنائي الاتجاه، تؤسَّس على الاحترام المتبادل،فتساهم بالتعريف بالهوية الثقافية للبلد، بما في ذلك تاريخُه وقيمُه وسماتُه الحضارية والفكرية وما يَختزل رؤاه المستقبلية. لكنَّها تفقد شرعيتَها ونبلَ مقصدها ما لم تَقُمْ على فهم مكونات ثقافة الآخر واحترامها، بما في ذلك لغتُه وقيمُه وعاداتُه وتاريخُه ورموزُه الفكرية… إلخ، إذ إنَّ الإحاطة العميقة بمكونات الآخر الثقافية والحضارية تتيحُ تذليل الكثير من الحواجز، وتجعل من لغة التواصل وأدواته أبلغَ وأعمقَ أثراً.

«الدبلوماسيةُ الثقافية»؛ كما نراها؛ هي ببساطة اليدُ الناعمةُ التي تعزف ألحاناً عذبة، والصوتُ الرخيمُ الذي تسكن إليه النفوس، والبعدُ الحضاري الذي يوصل رسائلَ تعجز كل الكلمات عن التعبير عنها. هي «قوة إقناع» أمضَى وأعمقُ أثراً من القوة التقليدية، ولاسيما في عصر وسائل الاتصال والعولمة. هي القدرةُ على التأثير، وعلى توجيه الرأي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة والأفكار المسبقة، وربما توجيه الرأي العام والعلاقات الدولية بما يخدم الهدفَ المرجوَّ. إنها؛ بكلِّ مكوناتها؛ ألطفُ السبل وأنجعُها في تواصل الشعوب وتعارفها وتقاربها، فهي أداةُ حوار بين الدول يغلب فيها مبدأ التعارف واحترام ثقافة الآخر على تحالفات القوة، وصولاً إلى مستقبل أكثر عدلاً وأمناً وسلاماً.

نستذكر مجدَّداً مقولةَ بودلير «إنَّ الشرَّ يُرتكب بلا كبير عناء»، لكن أن يصبح قدراً محتوماً فهذا ما لا يجب أن نقبل به. فلتكن الثقافةُ سلاحاً يقارع الشرورَ، ولتنتِجْ الفنونُ الخيرَ، ولتتحولْ الدبلوماسيةُ الثقافية إلى نافذةِ تعارفٍ، وتحررٍ من الأفكار المسبقة، واحترام متبادل وسلام).
نعم الثقافة هي المنقذ للبشرية شرط أن تكون تفاعلية دون هيمنة دون استلاب وهذا يعني ان الكل يؤثر ويتأثر ويشارك في بناء عالم أكثر عدالة وجمالا وقدرة على الاستمرارية.

آخر الأخبار
إصلاح محطة ضخ الصرف الصحي بمدينة الحارة صحة اللّاذقية تتفقد مخبر الصحة العامة ترامب يحذر إيران من تبعات امتلاك سلاح نووي ويطالبها بعدم المماطلة لكسب الوقت  الأونروا: إسرائيل استهدفت 400 مدرسة في غزة منذ2023 صحة طرطوس تستعد لحملة تعزيز اللقاح الروتيني عند الأطفال الأونكتاد" تدعو لاستثناء اقتصادات الدول الضعيفة والصغيرة من التعرفات الأميركية الجديدة إصلاح المنظومة القانونية.. خطوة نحو الانفتاح الدولي واستعادة الدور الريادي لسوريا التربية تباشر تأهيل 9 مدارس بحماة مركز لخدمة المواطن في سلمية الاستثمار في المزايا المطلقة لثروات سوريا.. طريق إنقاذ لا بدّ أن يسير به الاقتصاد السوري أولويات الاقتصاد.. د. إبراهيم لـ"الثورة": التقدّم بنسق والمضي بسياسة اقتصادية واضحة المعالم خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": إعادة تصحيح العلاقة مع "النقد الدولي" ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي في ختام الزيارة.. سلام: تفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا  محافظ اللاذقية يلتقي مواطنين ويستمع إلى شكاويهم المصادقة على عدة مشاريع في حمص الأمن العام بالصنمين يضبط سيارة مخالفة ويستلم أسلحة مشاركة سوريا في مؤتمر جنيف محور نقاش مجلس غرفة الصناعة منظومة الإسعاف بالسويداء.. استجابة سريعة وجاهزية عالية صدور نتائج مقررات السنة التحضيرية في ظل غياب الحل السياسي.. إلى أين يتجه السودان؟