الثورة – رفاه الدروبي:
رود زياد مرزوق دمشقية المولد والهوى.. ابنة حي القنوات.. تحمل إجازة في اللغة إنكليزية، وحاصلة على شهادتي دبلوم تأهيل تربوي، وترجمة فورية.
الشاعرة مرزوق أحبَّت اللغة الأم منذ طفولتها رغم دراستها اللغة الإنكليزية، وكانت تكتب موضوعات التعبير بجمالية لفتت انتباه معلمي اللغة العربية، فشجعوها على القراءة لاكتساب المزيد من المفردات، وكان لوالدتها الدور الأعظم في تشجيعيها على قراءة دواوين فحول الشعراء في عصور مختلفة، كما تأثرت بالعديد من الشعراء السوريين واللبنانيين والعراقيين.
دواوينها
وبيَّنت الشاعرة مرزوق أنَّها تكتب الشعر العمودي والتفعيلة والنثر وصدر لها ديوان “أنت مني”، ويعتبر تجربة خاصة تحدثت فيه عن الحبِّ والحياة، كما رأتها من زاويتها الشخصية، وتلاه ديوان “رود الياسمين”، وعنوانه يحمل معنى مربوطاً باسمها، ويعني النسائم العليلة، وأطلقت فيه التاء من دون حركة عن عمد ليكون الديوان موجَّهاً إلى الرجل والمرأة، فتناولت صور الحبَّ المتعددة بينهما، وتطرقت لحالات القرب، والبعد والمد والجزر والخيال، والواقع والصراع ما بين القلب والعقل.
تأثرها بالشعر الخليلي
وأكَّدت أنَّها كتبت الشعر بأجناسه المختلفة الشعر ذو الشطرين، التفعيلة، النثر لكنَّها تأثرت بالشعر الخليلي منذ نعومة أظفارها، منوِّهةً بأنَّ ديوانها الشعري الأول “أنت مني” نظَّمت فيه الشعر ذا الشطرين من البحر الكامل في قصيدة عنوانها “مهرة صهباء” و”شمس وقمر” من البحر البسيط، وحمل ديوانها الثاني “رود الياسمين” قصيدة طويلة عن الحبيبة سورية وعاصمتها دمشق، نظمتها وفق تفعيلات البحر الكامل تحت عنوان “عقد الياسمين” نسوق منها:
يا شام نورٌ صبحُكِ ومساكِ
قبّلتُ ترباً باركتهُ خطاكِ
يا أمَّ كلِّ محبةٍ في عمرنا
والقلبُ عاشَ متيَّماً بهواكِ
إنّي بوصفكِ قد مدحتُ قصائدي
والصوتُ يحلو شادياً بغناكِ
الشاعرة رود تعمَّقت أكثر في البحور فكتبت وفق تفعيلات بحور مختلفة في قصائد متنوِّعة ما بين الوطني والوجداني والعاطفي، منها: “عرس الشهيد” تناولت فيها الشهادة والشهداء و”مشاعل النور” أهدتها بكل فخر واعتزاز إلى زملائها المعلمين والمعلمات، وقصيدة “سيد العشاق” وصفت فيها الحبيب بنبض الأنثى الشرقية العاشقة، كما طرقت بحري الوافر والخبب كونهما الأكثر سلاسة في النظم والقافية.
والموشحات الأندلسية
تأثرت أيضاً بالموشحات الأندلسية، فأغنت تلك الأشعار مفرداتها اللغوية، واستقت منها سلاسة التركيب، وتناغم المفردات، واختيار القافية الملائمة للموضوع.
ورأت الأنثى جميلة في كل حالاتها.. إنها البندقية الصامدة في وجه العدو، كما في قصيدة “أشبه البندقية”، والأم الحنونة في “حبيبة من الجنة”، والعاشقة المتيمة في “سيد العشاق”، والحبيبة المجروحة في “عتقتني شغفاً”، والأنثى العنيدة في “لا تعتذر عني ومني للحبً”، متناولةً في قصائدها حالات الأنثى المختلفة الحياة والحبّ، ولاسيَّما في الديوان الثالث “مجاز الجمال”، وكان لقداسة الشهادة والشهداء أثر عميق في نفسها عبَّرت عنها في قصيدة “عرس الشهيد”، وكان للأزمة السورية وجع عميق في ذاتها الشعورية فكتبت “كم هو صعب”.
وعن القضية الفلسطينية وبؤس أحداثها كتبت “مشهد انتظار” واصفة فيه المرأة الفلسطينية تنتظر قدوم ابنها إمَّا بطلاً أو شهيداً فكانت في قصيدة “شهيدة”، وتحدثت ضمنها عن غزة الجريحة حيث يشهد العالم نزيف جراحها بصمت يُدمي القلوب، وكتبت في ديوان “مجاز الجمال” قصيدة عنوانها “شهيدة”:
كيف نكتب المراثي
والأرض شهيدةٌ
ينكرها الشهود..؟!
كيف نبكي
ناعين جثمان وطن
وفي دمعنا.. في دمنا
عويلٌ مسفوح
ونزار قباني
كما تقول رود: إنَّها تأثرت بالشاعر الكبير نزار قباني فأعجبت بحداثة وصفه للمرأة، وتطرُّقه لجوانب مختلفة من حياتها، ما جعلها تكتب عن الأنثى متناولة حالاتها الجمالية المختلفة، محاولة أنَّ تسقط الضوء على الجوانب الخفية من نبضاتها الشعورية، فتارة عاشقة، وفي حالة حرب مع الرجل طوراً تحتفل بانتصارها عليه، وفي أطوار كثيرة تعيش الحزن والانكسار.
وللحبِّ حالات مختلفة في نبض أيَّ شاعر كونه ليس مقصوراً على الحالات العاطفية بين الرجل والمرأة، بل إنَّ الحبَّ أسمى ما يكون حين يتوجَّه للوطن، لذا نظمت له قصائد كثيرة.
دفقة واحدة
ورأت أنَّ قصيدة النثر ذات أسلوب شعري حديث عامر بالأخيلة، وكثافة الصور، والبلاغة اللغوية البعيدة عن المباشرة أو السرد، وفن لغوي جديد في عالم الشعر بعيد عن أوزان الخليل والقافية الموحدة تنساب فيه الكلمات عبر دفقة شعورية واحدة لتكوّن في تتابعها وتناغمها لوحة شعرية تبدأ بإثارة فكر وخيال القارئ حول موضوع معين وتنتهي بعنصر الدهشة الذي يثير في ذاته جمال الأسئلة.
بينما تعتبر قصيدة النثر القصيدة الحرة الخالية من الوزن المليئة بالتكثيف، والصور والدهشة كونها أشبه بالدفقة العاطفية ويفرّغ فيها الشاعر كلَّ أحاسيسه عبر أسلوب شعري محلق في سماء الخيال والجمال، وكانت لها أساليب مختلفة في كتابتها.