الثورة – محمود ديبو:
منذ اثني عشر عاماً والممرضون بانتظار ولادة جديدة لنقابتهم (نقابة التمريض والقبالة والمهن الصحية والطبية)، التي كانت قد أحدثت عام 1953 في كل من دمشق وحلب، وأعيد إحداثها في العام 2012 بموجب المرسوم رقم 38، وإلى اليوم لم تبصر النقابة النور رغم ما يجري الحديث عنه من سعي حثيث من قبل المجلس المؤقت للنقابة للانتهاء من المصادقة على النظامين الداخلي والمالي للنقابة وإقرارهما لتتم المباشرة بالعمل وممارسة النقابة لمهامها الموكلة إليها بموجب القانون.
تقول السيدة يسرى ماليل رئيسة المجلس المؤقت للنقابة إن الاجتماعات مستمرة ولم تنقطع مع المعنيين في وزارة الصحة والمالية والمختصين القانونيين والماليين للانتهاء من إعداد النظامين المالي والداخلي للنقابة وإنجاز التعديلات المطلوبة، ومؤخراً تم الانتهاء من التعديلات وتمت الموافقة عليها والخطوة النهائية هي المصادقة عليها من قبل وزارة الصحة، وهذا سيكون قريباً، ومن المتوقع أن ينعقد اجتماع الهيئة العامة للنقابة في موعد أقصاه شهر أيلول أو تشرين الأول القادم على أبعد تقدير، ووقتها ستجري انتخابات جديدة لمجلس النقابة واختيار أعضاء المجلس والمضي في إنجاز العمل لتأسيس صناديق النقابة الاجتماعية التي تقدم خدماتها للأعضاء المنتسبين من ممرضين وقابلات قانونيات والعاملين في المهن الصحية والطبية.
وبذلك يكون المنتسبون للنقابة على موعد جديد بقرب انعقاد هيئتهم العامة التي طال انتظارهم لها وربما بعد أن تلاشى لديهم الأمل بأن يكون لهم نقابة مهنية تمثلهم وترعى مصالحهم وتطالب بحقوقهم وتتابع قضاياهم الوظيفية والمهنية والاجتماعية، وتسعى للارتقاء بالمهنة وتلبية احتياجاتها ليبقى العاملون فيها قادرين على تلبية احتياجات القطاع الصحي والاستمرار بتقديم الخدمات المتنوعة للمرضى بجودة عالية وبالسرعة المطلوبة.
وتشير السيدة ماليل إلى أن قطاع التمريض يواجه اليوم تحديات كبيرة تتمثل بالتسرب الكبير ما تسبب بنقص واضح في الكوادر التي ما تزال تعمل في المستشفيات والمراكز الصحية، وهذا ضاعف الأعباء الملقاة على عاتق من تبقى على رأس عمله وزاد من الضغوط اليومية ما قد يؤدي إلى مزيد من تسرب الكوادر وخروجها إلى أعمال أخرى بحثاً عن دخل أفضل وبيئة عمل أقل ضغطاً.
وتبين ماليل أن على رأس المطالب التي يجب تلبيتها هي رفع قيمة تعويض طبيعة العمل التي يتقاضاها الممرضون اليوم والتي لا تتجاوز 4% من الراتب، وهذا فيه ظلم كبير لهذا القطاع مع الإشارة إلى أن بعض المهن حصلت على نسبة تصل إلى 100% كتعويض طبيعة عمل، ويجب إنصاف الممرضين ومساواتهم بباقي المهن الصحية والطبية، علماً أن ظروف عمل التمريض تتطلب جهداً وساعات عمل طويلة، فيما هم محرومون في بعض المشافي من تأمين المواصلات لهم وكذلك المنامة وحتى الطعام، أثناء المناوبات.
وبالعودة للحديث عن النقابة تشير ماليل إلى أنه حالياً جرى تأسيس 12 فرعاً للنقابة في المحافظات ويجري الاستمرار بتنسيب العاملين في القطاع الصحي من مختلف المهن مبينة أن العدد الكلي للمنتسبين على مستوى القطر وصل إلى 34 ألف منتسب من مختلف الاختصاصات الصحية والطبية، وهنا نلمس تراجعاً كبيراً في العدد الذي كان قد تجاوز 60 ألف منتسب خلال السنوات الماضية، نتيجة للتسرب فهناك من استقال وآخرون تركوا العمل بحثاً عن دخل أفضل، وآخرون تقاعدوا بعد سنوات خدمة طويلة وهكذا.
ورغم عدم اكتمال إقرار النظام الداخلي للنقابة وبقائها على مدى 12 عاماً غير مفعلة فإنه جرى خلال هذه السنوات إقامة بعض الدورات التدريبية والانتساب إلى البورد العربي للتمريض، وبحسب ماليل فقد يجري الإعداد لاستراتيجية جديدة للتمريض سيتم الإعلان عنها قريباً وستكون خطوة متقدمة وجيدة لخدمة هذه المهنة حيث تتضمن مسألة مهمة وهو وضع توصيف لمهنة التمريض وهذا الأمر الذي تفتقر إليه منذ سنوات عديدة.
المفارقة التي يمكن الإشارة إليها هنا تفيد بأن هذه المهنة يحتفى فيها في كل عام مرتين الأول عالمياً والثانية عربياً، في حين أنها بقيت (محلياً) غائبة عن اهتمام المعنيين ما جمد نشاطها خلال السنوات الـ 12 الماضية وجعلها بلا أي فاعلية رغم أن مرسوم الإحداث صدر وكان من المفروض أن يتم إقرار النظامين الداخلي والمالي للنقابة خلال سنة من تاريخ صدور المرسوم على أبعد تقدير لا أن تبقى جامدة ومعطلة وتراوح بالمكان ودون أي جدوى تذكر، وظل الممرضون مشتتين بين نقابة التمريض من جهة والتي هي نقابتهم المهنية التي يجب أن يتمثلوا من خلالها وتكون مطالبهم ومصالحهم حاضرة على جدول أعمالها، وبين نقابة العمال التابعة لاتحاد العمال والتي تضم في عضويتها كل العاملين في القطاع الصحي من موظفين وإداريين وماليين إلى جانب الممرضين وفنيي الأشعة والتخدير و….. مع الإشارة إلى أن نقابة العمال هي منظمة شعبية وليست نقابة مهنية مخصصة للتمريض والقبالة والمهن الصحية والطبية فقط.
ولعل هذا ما جعل قائمة مطالبهم (المحقة) تنتظر (منذ أعوام) من يلتفت إليها ويعمل جدياً لتلبيتها ومعالجة الكثير من المشكلات التي ساهمت إلى حد كبير في تناقص عدد الكادر التمريضي في كثير من المستشفيات العامة والخاصة، إما بالاستقالة أو ترك العمل بحثاً عن مصادر دخل أفضل.
ويوضح رئيس مكتب نقابة عمال الصحة باتحاد عمال دمشق سامي حامد إن عدد العمال المسجلين في سجلات النقابة تراجع كثيراً خلال الأعوام القليلة الماضية من 26 ألف منتسب من ممرضين وفنيين وإداريين وغيرهم من العاملين بالقطاع الصحي بشكل عام، إلى حوالي 10 آلاف منتسب إلى النقابة، وذلك إما بسبب الاستقالات أو ترك العمل أو الوصول إلى سن التقاعد، دون أن يتم تعيين كوادر جديدة بديلة عن تلك التي تركت العمل، الأمر الذي أدى إلى زيادة حجم الأعباء الملقاة على الكوادر التي ما تزال على رأس عملها، وبات على الممرض مثلاً أن يتابع 20 مريضاً في وقت واحد، وهذا فوق طاقته وقدرته التي يجب ألا تتعدى 7 مرضى بالأحوال العادية وهذا أثر على جودة الخدمة وساهم في تراجع الأداء علماً أنه لا يوجد تعويضات أو حوافز أو أي شكل من أشكال التعويض المادي الذي يشعر الممرض بأن جهده ملحوظ من قبل إدارة المؤسسة الصحية التي يعمل بها، وأن هناك من يقدر تعبه ويسعى لإنصافه.