لا يبدو أن ثمة أفقا استثماريا حقيقيا في محافظتي الساحل السوري، على الرغم من سخاء قانون الاستثمار الجديد والنشاط الدؤوب لهيئة الاستثمار، بما أن لا مدن صناعية ممكنة التوطين، ولا حتى مناطق من شأنها احتضان ما يفترض من استثمارات، ولو متوسطة – ولا نقول ثقيلة – بسبب ضيق مساحات الأراضي في محافظتين هما الأعلى كثافة سكانية في حسابات النسبة والتناسب.
لا أفقاً استثمارياً..وهذا يعني أن مشكلة الفقر والبطالة ستبقى مقيمة، وأن هجرة أبناء هاتين المحافظين إلى المدن الكبرى أو إلى الخارج ستبقى عنوان تعاطي الشباب مع أولويات حياتهم.. أي نحن أمام مشكلة تولّد متوالية مشكلات بمسارات متعددة ومتنوعة.
لا يجوز إشادة منشآت استثمارية خارج المناطق والمدن الصناعية، وهذا قرار بشكله العام صائب، لكن لا مساحات متاحة في اللاذقية وطرطوس لإشادة مدن صناعية كما هو الحال في أراضي عدرا وحسياء الجرداء والشاسعة على مد العين والنظر، وهنا تتحول الأنظار للتساؤل.. ماذا بالنسبة للمناطق الصناعية الصغيرة..هل ستبقى مستحيلة الإنجاز على الرغم من توفر ما يلزم من أراض، في العمق الجبلي للمدينتين الساحليتين؟
منذ سنوات قليلة تم إقرار إحداث مناطق صناعية وحرفية في مراكز المناطق لا مجرد مراكز مدن المحافظات، وهي فكرة جيدة على الرغم من تعثر تنفيذها بالشكل المطلوب، لكننا نتحدث عن الفكرة.
هنا يمسي من المفيد نقل تجربة المناطق الصناعية والحرفية إلى النواحي، أي سيكون لدينا في طرطوس مثلاً مناطق صناعية توازي تماماً عدد النواحي التابعة للمناطق، وفق التقسيمات الإدارية للمحافظة.
لا نعلم كيف تم التعاطي مع هذا الجانب في سياق التخطيط الإقليمي، لكننا نعلم أن ثمة مساحات كبيرة ملحوظة كأملاك دولة ليست حراجاً ولا غابات، هي جبال محجرة لا تصلح إلا كنطاق استثمار حرفي وصناعي.
هذه المساحات يجب أن تكون هدفا مباشرا وسريعا للاستثمارات بأنواعها، وهي الخيار الأوحد لحل مشكلة ضيق فرص الاستثمار في هاتين المحافظتين..ولا بأس أن يتم وضع اشتراطات محددة للحفاظ على البيئة وحصر الاستثمارات بالنشاطات النظيفة.
أما أن تبقى الأمور على طريقة المثل الشعبي ” كل حتى تشبع لكن.. مقسوم لا تأكل وصحيح لا تقسم” فهذا يعني الإبقاء على مشكلة الخواء الاستثماري التي تربك التنمية في إقليم كبير..ونستخدم هنا مصطلح إقليم لنتماهى مع مفردات التخطيط الإقليمي..
نهى علي