هل توافقوني الرأي أنّ المهن الفكريّة تقتل المرأة وتقعدها بين أبنائها كالغائب الحاضر؟!.
تجلس معهم جسداً تسرح بأفكارٍ تولد مع ضجيجهم الممتع،أجدني أحدّث نفسي بصوتٍ عالٍ، وأنا أعدُّ القهوة الصباحيّة، متسائلة عن وجبة فكريّة أعدها لقرّائي، وأمثل في هذه الحالة الغوغائيّة الكثير من النساء اللواتي يتطلب عملهن الفكريّ أن يلزمن الصمت الطويل مع من حولهن، يتتبعن الأخبار العاجلة، يهيئن وجبة فكريّة قبل ساعات وربما أيام بل وأسابيع، يدركن أن الوقت هو عدوهن الوحيد الذي لن نسامحه ولن نقيم هدنة معه، فما أن ننهي كتاباتنا حتى نجد عيون أطفالنا غافية على وسادة الانتظار لأحاديث تؤجل يوماً بعد يوم.
المهن الفكريّة من أنبل المهن بتعدّدها وتنوعها، عظيمة الشأن، تعزز وجود المرأة بين أسرتها ومجتمعها وتمنحها استحقاقاً ذاتياً عال المستوى، فتغدو واثقة باسقة تدرك معنى وقيمة الأشياء، فكيف وإن كانت أمّا وزوجة!؟.
وهنا أخالف أرسطو الرأي في قوله :”إنَّ المرأة لا تصلح إلا للإنجاب، ولا يمكنها أن تمارس الفضائل الأخلاقية مثل الرجل، فهي مجرد مخلوق مشوّه أنتجته الطبيعة!. ولم يكن وحيداً في نظرته المتهكّمة للمرأة، فبكبر المدينة الفاضلة عند أفلاطون لم يخصّص لها مكاناً فهو يرانا” أدنى من الرجل في العقل والفضيلة، وكان يأسف أنه ابن امرأة، ويزدري أُمّه لأنها أنثى!وأصدقكم القول ومتأكدة أنكم توافقونني به أننا لا نريد أن يكون أزواجنا كأرسطو ولا أبناؤنا كأفلاطون!.
نريد أن نمارس الحياة مع أسرنا بعيداً عن فلسفة تعقد الوفاق الروحيّ، نعيش بدفء الحبّ فنبقى رهن إشارته كلما فرغت
جعبتنا منه ملأناها، حتى ننضحُ بما في فكرنا من فضيلة وأخلاق وجمال وإبداع.