نخطئ حين نختزل البشر في تصرف عابر أو مظهر غريب، ونبني على ذلك حكماً يلازمهم أكثر مما تلازمهم الحقيقة.
فخلف كل سلوك لافت، قد يكون هناك جرح لم يلتئم، أو بداية لم تكتمل، في هذه المسافة بين الانطباع والواقع، تكمن الفرصة التي لا تمنح كثيراً، لكنها حين تمنح قد تغير المصير كله.
أن تمنح أحدهم فرصة لا يعني التغافل عن أخطائه، بل الإيمان بأن الظروف حين تتغير، يتغير الناس أيضاً، فكم من شاب فقد طريقه في البدايات ثم أعاد بناء ذاته حين وجد معلماً وثق بإمكانياته، وكم من عامل أُقصي من عمله بعد إخفاق، ثم بزغ اسمه مجدداً بفضل جهة آمنت بإعادة تأهيله.
حتى على المستوى المؤسسي، أثبتت المبادرات المجتمعية الرامية إلى دعم المتعثرين أن الاحتواء ينتج تغييراً أكثر ديمومة من العقاب.
وتشير دراسات حديثة إلى أن برامج الدعم النفسي والتأهيلي تقلل من نسب العودة للخطأ، بل وتعزز الشعور بالمسؤولية والجدوى لدى الأفراد، وهذا يبين أن الكلمة الطيبة أو الشهادة العادلة قد تكون بمثابة الحياة الجديدة لشخص كاد اليأس أن يقضي عليه.
في النهاية، ليس المطلوب أن نغض الطرف، بل أن نفتح نافذة، فربما ما يفتقر إليه الآخر ليس حكماً عليه، بل من يخبره: “أنه ما زال لديه ما يستحق أن نؤمن به”.