يوسف جابر – كاتب لبناني:
كثرت المقالات السياسية والاستنتاجات والتحليلات حول زيارة رئيس الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن وكأن البعض قد عقد اجتماعات خاصة مع أي من الطرفين في خلواتهم، ما أثار الفضول عند البعض بالسؤال حول ما يدور وإلى أين ستصل الأمور في العدوان المخطط له “صهيو أميركياً” في الأيام القادمة.
جاءت زيارة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد عشرة أشهر من الحرب العدوانية على غزة وكامل القطاع الفلسطيني التي وصلت للإبادة الجماعية لما يعانيه الشعب الفلسطيني المكلوم من قتل الأطفال والنساء والشيوخ بعنوان قتل المدنيين للضغط على المقاومة, ومن حصار مطبق على الغذاء وفقدان الأدوية والمياه النظيفة الصالحة للشرب نتيجة الحصار من قوات الاحتلال الصهيوني وبموافقة أميركية غربية لإنهاء ملف الوجود المدني الفلسطيني في منطقة غزة وتضييق الحصار عليهم في منطقة القطاع ورفح على الحدود مع مصر من أجل فتح المعابر بالخروج لمن يريد الخروج بنيّة العلاج وغير ذلك.
وقد أطل نتنياهو في الكونغرس بالتصفيق له مراراً وتكراراً عند كل جملة فلكلورية خلال كلمته التي قدر وقت خطابه المسرحي بـ 55 دقيقة والذي يعد الرابع لرئيس يعتلي منبر الكونغرس, وقد ركز في كلمته على استعطاف أعضاء الكونغرس من خلال محاولته للعبة الكذب والافتراء, وكأن الشعب الفلسطيني المحاصر في بقعة جغرافية محددة هو المعتدي وهو المغتصب لأراضي الغير وكل ذلك موثق في هيئات الأمم المتحدة التي تضع القرارات المصيرية في أدراجها.
فكانت صورة الخطاب استعراضي بامتياز لتعويم حكومته وسطوته الإجرامية في عدوانه لكسب نقاط على معارضيه في الحكومة التي يرأسها, لما يقوم من إبادة جماعية وعدوان إجرامي للتغطية على فشل جيشه الذي لم يستطع حسم المعركة أو تحقيق أي من الأهداف الذي أعلنها مجلس الحرب الإسرائيلي في السابع من شهر أكتوبر الماضي.
وفي إشارة لوكالة أسوشيتد برس أن أكثر من 60 عضواً من أعضاء الكونغرس الديمقراطي أي حوالي النصف من مجموع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بحسب موقع أكسيوس قد تغيبوا عن الحضور بالإضافة إلى رموز لها وزنها مثل السيناتور المستقل بيرني ساندرز ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي, كما لم تحضر نائبة الرئيس كامالا هاريس ما يعتبر خروجاً واضحاً على تقاليدهم.
عودة نتنياهو على عجل يعني أن هناك خططاً أعد لها مسبقاً في المطبخ الصهيوأميركي وهو ما حصل في مجدل شمس وتم اتهام المقاومة اللبنانية فيه هو جزء من المخطط الإجرامي بغية القيام بتوسعة الحرب والعدوان والسيناريوهات ستتبع وستكون كثيرة للحصول على مخرج لوقف الحرب ويمنع محاكمة بطل الإجرام نتنياهو أو عدم ملاحقته دولياً وخاصة من محكمة العدل الدولية.
لا شك أننا أمام أشهر حاسمة وربما تذهب الأوضاع للأصعب بمواجهة أكبر لكن لن تتدحرج إلى حرب عالمية كما يصورها البعض لأن الحرب العالمية الثالثة ليست نزهة لأنها ستفني العالم إن حصلت وهذا ما لا يتحسب إليه أحد.
لذلك لحمة المقاومة وبيئتها برصِّ الصفوف وقراءة سياسة العدو من دون التنازل يضعف حكومة نتنياهو ويشتت البنية الإسرائيلية بعدم الثقة بهم ويزيد طلبات الهجرة بعدم الاكتراث لأي خطاب استعراضي كما حصل في الكونغرس الأميركي.
المقاومة بكافة امتداد محورها متماسكة وقوية والنصر على الأبواب مهما تأخر لأن كل يوم يضعف حكومة الاحتلال بعدم الثقة ويغير من القبول الغربي لمشروع الاحتلال والاستيطان لأن العالم أصبح على برميل من البارود في الغرب والشرق في خضم الضائقة الاقتصادية التي تضرب هذا العالم.