أمام تصاعد وتيرة العطش التي تطال مدن و أرياف محافظة اللاذقية عاماً بعد عام.. لا بد من وقفة واقعية من هذه الأزمة التي باتت تستنزف المواطنين.. حيث تجاوز سعر نقلة المياه عتبة الـ١٠٠ ألف ليرة سورية.. لكمية لا تغطي الاحتياج لأكثر من ثلاثة أيام!!.
هذا إذا تمكن المواطن من الحصول على دور لدى الصهاريج الخاصة التي تنقل المياه و بيعها.. الطلب في تصاعد مستمر.. و الأسعار هي الأخرى في تصاعد مماثل.. غير أن الحلول لدى الجهات المعنية في تراجع .. الأمر مبرر حالياً إذا ما أخذنا بالاعتبار الظروف الموضوعية التي تسيطر على الموضوع.
لكنها في الحقيقة و بالإطار العام غير مبررة على الإطلاق إذا ما تم ربطها بالخطط السنوية لمشاريع المياه في المحافظة التي تملك مخزوناً كبيراً من المياه.
و بالعودة إلى الماضي و تحديداً في العام ٢٠٠٤ فقد سبق أن نشرنا موضوعاً أكد فيه حينها مدير عام مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في اللاذقية أن اللاذقية “تودع العطش”.. و بين أن اعتمادات الموازنات الاستثمارية تتطور سنوياً لتواكب المشاريع و الخطط والبرامج المستقبلية الهادفة لتوفير مياه الشرب لأبناء المحافظة.. حيث كانت الموازنة نحو ٣١٠ ملايين ليرة في العام ١٩٩٩ لترتفع إلى ٤١٠ ملايين ليرة في العام التالي و هكذا إلى أن بلغت نحو ٨٦٩ مليوناً عام ٢٠٠٤ بما يوفر القدرة على تنفيذ المهام المطلوبة من المؤسسة.. و ما يضمن عدم وجود اختناقات في موضوع مياه الشرب.
اليوم وبعد عقدين من الزمن بدلاً من وداع العطش.. نرى أن المواطن يودع المياه!!.
أين المشكلة.. سؤال واحد لم يلق لغاية تاريخه الجواب الصحيح ؟؟.
المصدر المائي متوفر .. و مشاريع الضخ على المحاور الرئيسية منجزة.
غير أن نسب الفاقد الكبيرة في الشبكات القديمة سبب.. و قدم المضخات الرئيسية و تراجع قدرتها على تلبية المطلوب سبب.. و عدم انتظام الترددية الكهربائية سبب.. و عدم استقرار الإدارة و تعيين مدير عام كل فترة سبب.
حالة عدم الاستقرار هذه تنعكس سلباً على أداء المؤسسة.. و ما يقال عن بعض التعديات على الشبكة إنه سبب رغم أهمية ضبطه ليس مشكلة قياساً بنسب الفاقد بالشبكات.. و ليس له علاقة بالخطوط التي تضخ المياه فيها مرة واحدة في الشهر للقرى في المناطق الجبلية.
و القرارات الارتجالية “الإسعافية” التي يطلقها البعض من المعنيين بالأمر كل يوم لن تحل المشكلة.. المطلوب المسارعة إلى توفير المضخات الرئيسية المطلوبة.. و استبدال الخطوط القديمة.. لأنه و بشكل رسمي ووفقاً لمراسلات بين المؤسسة و الجهات المعنية فإن نسبة الفاقد في مدينة اللاذقية وحدها تتجاوز ٧٠٪ فكيف باقي المدن و الأرياف ؟؟.