ظهرت الآثار السلبية بشكل واضح لمشكلة نقص العمالة في القطاع الخدمي ولا سيما في قطاع النظافة بالبلديات و الحدائق العامة والصرّافات و وحدات المياه ومكاتب الطوارئ، وهذا سيقود إلى عواقب صحية واقتصادية ستكلّف عشرات أضعاف ما سيتم توفيره من أجور تعيين عمال لخدمة هذه القطاعات.
فالبلديات تعاني من نقص كبير بعمال النظافة والحدائق، ليضاف إلى نقص الآليات والمحروقات، ومنظر الشوارع يلخص الموقف بشكل واضح وهذا الأمر يجعل من أي رئيس وحدة إدارية عاجزاً عن تقديم أبسط خدمة في قطاعه، المصارف تعاني من نقص عمالة لتغذية الصرّافات بالنقود، و وحدات المياه تعاني من نقص في عمال الشبكات وتوزيع المياه على الأحياء وعمال الطوارئ على قلّتهم صار البعض منهم يطلب من المواطن أن يرسل له سيارة لتأخذه من المركز وتعيده لأنه المناوب الوحيد وإذا خرج في مهمة يبقى هاتف الطوارئ بلا رد.
آلية التعيين المركزية للعاملين في القطاع الخدمي وغيره نسفت نظام الخدمات وعطّلتها وتركت الجهات الخدمية تصارع وحيدة وتدبر أمرها “بتبويس الدقون واستجداء الموظفين الذين أصبحوا على قلتهم عملة نادرة ولهم شروطهم ومتطلباتهم”، وتركت المواطنين ينتظرون خدمات شحيحة لا ترقى لمستوى التسمية، فالمياه التي تأتي كل شهر مرة ليست خدمة، وترحيل القمامة من الشوارع كل أسبوع ليس خدمة والأمر ينسحب على شبه الخدمات الأخرى، والمشكلة أن الرسوم مستمرة وتزداد عكساً مع الخدمات.
أن تكون جهة مركزية معنية بتأمين حاجة كافة الجهات العامة على مستوى البلد فحكماً ستكون هذه هي النتيجة، فمهما كانت هذه الجهة تملك من البيانات والبرامج فإنها لن تستطع الإحاطة بخصوصية كل جهة، ولا بنوعية ومواصفات الأشخاص لكل عمل، والمسابقة المركزية الأخيرة كانت دليلاً على ذلك.
الخلل في أي مشروع لا يعني فشل المشروع بكامله، فموضوع الحوافز وما شابه من أخطاء بانعكاسات كبيرة على القطاع الإنتاجي والخدمي لا يعني فشل مشروع الإصلاح الإداري، ولكن الفشل يكون عندما لا نعترف بالأخطاء لأن عدم الاعتراف يعني عدم المعالجة وهكذا تتراكم الأخطاء وحينها تكون الفاتورة كبيرة جداً وقد لا تنفع بعدها أي حلول.