الثورة – ترجمة رشا غانم:
يواجه قادة الحزب الجمهوري أزمة عصيبة مع السود وإظهار الاحترام لهم، فمن الإصرار على أن الرئيس السابق باراك أوباما لم يكن مواطناً أمريكياً مولوداً في الولايات المتحدة، إلى أن يسجل الحزب الجمهوري رقماً قياسياً مع تصويت 210 من أصل 211 من أعضاء الكونغرس على قانون جورج فلويد للعدالة في الشرطة – مما لا يثير الدهشة، صوت الجمهوري الوحيد “نعم”، النائب لانس جودن، والذي أكد لاحقاً أن تصويته بنعم كان عرضيا – فعلى ما يبدو أن الجمهوريين لديهم حساسية مزمنة، كما أنها غير قابلة للشفاء من إظهار بعض الاحترام على اسم أي شخص أسود.
وبينما نشاهد أمريكا تشعر بحماس غير مسبوق حول المرشح الرئاسي الرسمي الآن ونائبة الرئيس كامالا هاريس، فإن هذا السياق مهم، فقد سقط عدم الاحترام عليها منذ أن أيدها الرئيس جو بايدن لأنه رفض السعي لإعادة انتخابه، والفكرة الأقوى منها، هو ترشح دونالد ترامب المتعصب الفخور والمفترس الجنسي والمسؤول الجنائي والمجرم الذي أدين 34 مرة، حيث تتلقى نائبة الرئيس هجوماً للغاية من الغالبية العظمى من الحزب الجمهوري.
فلا تقتصر الجريمة على صعودها المهني وإنجازاتها ومكانتها الحالية، إلا أنها متجذرة في وجودها ذاته، حيث يمثل ترشح هاريس ضربة قاضية للفكرة المعيبة القائلة بأن السود، وخاصة النساء السود، يجب أن يعرفوا ويبقوا في “مكان” مخصص لهم من قبل الرجال البيض في مناصب السلطة.
يعد مشروع 2025 دليلاً صارخاً على أن النساء والسود، ومن بين شرائح أخرى من سكان الولايات المتحدة، لم يعودوا مقبولين كأعضاء متمكنين في المجتمع الأمريكي، وبالتالي يجب إعادتهم إلى هذا المكان الذي يتذكره الحزب الجمهوري باعتزاز، إن إلغاء قضية رو ضد وايد وإماتة مجلس الشيوخ لقانون جورج فلويد للعدالة في الشرطة ليسا سوى فوزين أخيرين للحزب الجمهوري، الأمر الذي أعطى الحزب الضوء الأخضر لزيادة إهمال الحقوق المدنية وحقوق الإنسان والتراجع عنها.
ولنقوم بمراجعة سريعة لعام 2024، والذي كانت فيه فترة للمرأة السوداء المحبوبة من قبل الحزب الجمهوري، فترة ناجحة للغاية كنائب لرئيس الولايات المتحدة، حيث سعت إدارة بايدن حماية العمل الإضافي، وأصدرت تشريعات لحماية المجتمعات من عنف السلاح، وسعت إلى محو المليارات من ديون قروض الطلاب، ووقعت مشروع قانون ضخم للبنية التحتية لإعادة بناء الطرق والجسور في جميع أنحاء البلاد، فمن الواضح أن بايدن هاريس قد استعاد البلاد من حافة التمرد وعمل على تخفيف الضرر الاقتصادي الذي أحدثته رئاسة ترامب، وبعد ذلك، في خطوة شطرنج تاريخية، اختار بايدن عدم إعادة انتخابه ونقل العصا إلى نائب الرئيس.
وبطبيعة الحال، يتراجع ترامب، ويتماشى معه النقد اللاذع غير المنطقي، أولاً، يريد استرداد الأموال التي استخدمها في حملته ضد بايدن، وبعد ذلك، يسحب كتاب قواعد اللعبة المتحيز جنسياً ويضع ذكاء هاريس “موضع تساؤل، ولقد سُمع وهو يصفها بـ “الساقطة” في أكثر من مناسبة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
وفي لقطة غريبة مع جوقة فوكس نيوز، تم بث وابل من الهجمات المثيرة للاشمئزاز ذات الطبيعة الجنسية والتي لا يمكن تكرارها على شاشة التلفزيون في إشارة إلى هاريس، وفي أكثر علامات عدم الاحترام وضوحاً، يستمر الحزب الجمهوري في إساءة نطق اسمها الأول، عندما يمكنهم ببساطة الإشارة إليها على أنها نائبة الرئيس هاريس.
والأكيد هو أن كل السياسات هي سياسات هوية، فعندما يترشح الرجال المسيحيون المحافظون البيض لمنصب، فإن الأمر يتعلق بـ “القيم”، أما عندما تترشح النساء السود لأعلى منصب في البلاد، فهذا يمثل تهديداً لتلك القيم – نفس القيم التي تستخدم يسوع كدرع لحظر الكتب، وتجريم العمال المهاجرين، وإعفاء الشركات من دفع الضرائب، ومراقبة أرحام النساء.
تجلب نائبة الرئيس هاريس هويتها إلى السباق على الرئاسة، مع تصميمها على تعزيز حقوق وحماية النساء والسود والأشخاص المهمشين والسجناء والعاملين والشعب الأمريكي.
“سياسة الهوية ” هي عبارة تستخدم بازدراء عند مناقشة السياسيين الذين ليسوا رجالاً بيض مستقيمين، الذين يمارسون سياسات الهوية بنفس الجرأة، مع الاعتراف الكامل بكراهية الأجانب، والعنصرية وكراهية النساء التي تعكسها سياساتهم، فسياسات الهوية ليست سوى مشكلة عندما يكون وجه السياسة غير أبيض أو أنثى أو مسلم، وهذه الممارسة ليست جديدة، ولا حتى المعايير المزدوجة بالغريبة عليهم، ونأمل أن يرفض الناخبون الأمريكيون وينسون المعايير المزدوجة في تشرين الثاني.
المصدر – هافينغتون بوست