تعميم غريب عجيب.. ويزيد “الطين بله”، وجهته وزارة الزراعة موخراً إلى مديرياتها، حمل في عنوانه ضرورة التقيد بتطبيق الإجراءات الفنية، لضبط وتنظيم قلع أو قطع أو نقل الأشجار المثمرة في الأراضي الزراعية، خارج المخططات التنظيمية وداخلها.
وأما عن تفاصيل التعميم، نستطيع أن نقول إنها تفتح وتشرع أبواباً جديدة للفساد، وتبتعد كل البعد عن النظر في حالة المزارع وتخفيف الأعباء عنه في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وجاءت التفاصيل مفصلة على مقاس وذهنية بعيدة عن الواقع، وفيها الكثير من التدخل في شؤون المزارع، وبدلاً من حماية الحراج والتركيز عليها نجد هذا الدخول الغريب على خط عمل المزارع، مع تناسي الجهات المعنية لمئات الأشجار المقطعة على الطرقات وفي الأراضي الحراجية.
إذاً بدل النجاح في ملف الحفاظ على الحراج ومنع التعديات على الحراج العامة، توجه المعنيون إلى الحلقة الأضعف من مزارعين خبروا أراضيهم ويعلمون متى، وكيف، وأين يزرعون الغراس؟!، وإن كان فعلاً الغاية التنظيم، فالأجدى يكون بتقديم التسهيلات والدعم للمزارع ليحافظ على أشجاره، وليس وضع المزيد من العصي في العجلات، وبالتالي من يفكر اليوم في غرس شجرة ضمن أرضه سيعد ألف مرة قبل فعل ذلك.
ولاشك أن مرور عاجل على تعميم وزارة الزراعة كفيل بأن يظهر حجم السلبية الكامنة في تفاصيله، وجاء فيه عدم قطع أو قلع الأشجار المثمرة، إلا بعد أخذ ترخيص مسبق، يتم منحه من قبل اللجنة المشكلة برئاسة رئيس دائرة الإنتاج النباتي بالمحافظة، بعد إجراء الكشف الميداني اللازم لتوضيح ملكية الأرض ونوع وعدد وعمر الأشجار المثمرة المطلوب قلعها أو قطعها، وسبب القطع أو القلع وأخذ تعهد خطي باستثمار الأرض زراعياً وفق الخطة الإنتاجية وتعليمات زراعة الأشجار المثمرة، حيث لا يسمح بالقلع أو القطع إلا وفق حالات محددة.
ولكم أن تتخيلوا ماذا يمكن أن يفعل تشكيل هذا النوع من اللجان!، وما يتلوه من إجراءات تتطلب خطوات روتينية معقدة لايمكن أن تمر دون تكاليف هنا وفساد هناك، ناهيك عن تكاليف الوقت والجهد لمزارع أو صاحب أرض أرهقته سنون الحياة وأعباء العمل اليومي.
لابد من إعادة النظر في التعميم، والتوجه بدلاً من ذلك إلى التشدد في الحفاظ على الحراج العامة، وتقديم الدعم الزراعي اللازم لكل فلاح حسب نوع زراعته، وتبسيط الإجراءات أمامه، بدل وضع المزيد من تعقيدات روتينية لن تمر دون تكاليف إضافية وهدر وفساد.
السابق