الثورة – رفاه الدروبي:
إنَْ تخصيص أفلام سينمائية خاصة بالأطفال والشباب للطفولة، مازالت قاصرة في سورية والوطن العربي، ومنتشرة في دول العالم، كانت في جلسة حوارية عنوانها: “سينما الطفولة واليافعين” أجراها مدير ثقافي أبو رمانة عمار بقلة مع المخرج يزن نجدت أنزور، والناقد السينمائي نضال قوشحة، واليافعين ربيع وشادي جان.
المعرفة الرابط بينهما
الناقد السينمائي نضال قوشحة اعتبر الرابط بين مرحلة الطفولة واليفاعة علاقة معرفية، وأنَّ مرحلة الطفولة خطرة بينما اليافع بدأ يتخذ قراراته إلى حدٍّ ما ويحاكمها محاكمة عقلية، ولم تكن السينما بعيدة عن عالم الطفل، لكنَّها موضوعياً تكون مُوجَّهة له أوصنَّاعها منهم، واعتمدت على مكونات معينة، والنتجة والهدف تقديم التسلية، ويعتبر التعامل مع الطفل أصعب من الإنسان العادي، لأنَّ الفكرة عندما تزرعها في ذهنه المنفتح لأول مرَّة تشكِّل مسؤولية أخلاقية ومعرفية كبيرتين، ويجد كبار الكتَّاب والمبدعين صعوبة للولوج إلى عالمهم.
وأوضح أنَّ السينما الموجهة للطفل تعتمد على مكونات معينة، والهدف له علاقة بالتسلية وتحسين المزاج أكثر ما يقدم قيمة معرفية على عكس سينما اليافعين، ويحمل مضمونها قيمة معرفية ويحسم الجدل، فالطفل موجود في السينما السورية منذ بداياتها وحتى الآن، وبدا في فيلم “اليازرلي” عن رواية “على الأكياس” للأديب حنا مينه عام ١٩٧٤، وكان الفيلم الروائي الوحيد سيناريو وإخراج قيس الزبيدي، وطرح الفيلم الطفولة بمعنى الشقاء الإنساني، كما أنجزت مؤسسة السينما أفلاماً كانت عبارة عن ريبورتاجات تناولت مشاكل اليافعين في المجتمع السوري ككل لمخرجين كبار سوريين أمثال هيثم حقي، وظهر في مسلسل “نهاية رجل شجاع” للكاتب حنا مينه وإخراح نجدت إسماعيل أنزور، ولم تترك السينما طفلاً في حالة سينمائية إلا واتجهت نحوه، وأنجزت حديثاً أفلاماً بموضوعات أسرية ومجتمعية متعددة، كان موضوعها موجَّهاً للأطفال وعوالمهم؛ لكنّّها تحتاج إلى بذل جهد أكبر من اليافعين وتكون مهمتها أصعب أيضاً، فالتحليل فيها أكثر نتيجة تشكّل الوعي لديهم، وأول المطبات تعامل المخرحين معهم بحالة تلقين بدلاً من الاستناد إلى الحوار في ظل عالم يمرُّ كومضة وشرارة كهربائية حتى البسيط منها، ولابدَّ من تحديد نيَّة التحليل. فأغلبية المخرجين لايرغبون ببذل الجهد، إضافة إلى أنَّ الحقيبة الإنتاحية على المستوى العربي السينمائي الخاصة بالطفل غير مربحة، ولو اطلعنا على ما أنجزته سورية خلال مدة ١٧ عاماً نجد ثلاثة أفلام فقط، بينما أقُحِم الطفل في الأعمال إقحاماً رغم وجود نصوص في ظل وجود قصور بإنتاجها لتترك حبيسة الأدراج، فالقطاع الخاص غير فعَّال واقتصرت فعاليته على الدراما رغم إمكانية صناعة حركة فنية عالية في مجالات عديدة، ووظَّف المخرج محمد ملص الطفل ديب كحلم بتحقيق الوحدة بين سورية ومصر في “فيلم أحلام المدينة” عام ١٩٨٢
بذل الجهد مع الطفل.
المخرج يزن نجدت انزور أشار إلى أنَّ العمل يحتاج إلى بذل جهد كبير، والنزول إلى مستوى الطفل، وتهيئة المكان المناسب له، وتمتين العلاقه معه، وكسب ثقته، وإفهامه المعلومات بطريقته وفكره ليتقبَّل الأفكار المطروحة، والاستفادة من عفويتهم وذكائهم، والتعامل معهم يختلف عن الكبار، إذ لا يعتبر الطفل أداء عمله وظيفة سيقوم بها؛ بل نشاطاً يؤدٍّيه لعدم دخوله مرحلة الاحترافية بعد يمكن أن يكون دخل بها فكرياً، ولابدَّ من وجود الرغبة لديه للعمل كي يبقى بنفس الطاقة، بينما نجد أغلب المخرجين يتعاملون معهم بطريقة عصبية واحترافية مايترك أثراً في نفسية الطفل، والحل يكمن في تنظيم دورات تأهيل حقيقية، مازلنا نفتقر لها.
كما لفت المخرج يزن إلى اختلاف العمل مع اليافعين بسبب وجود تجارب سابقة في مرحلة الطفولة، وبدأ حلمه يتشكَّل، ويسير على مسار الوعي الكافي لاستيعاب العمل، ويمكن التعامل معه بطريقة احترافية، ورغم ذلك هناك مشكلة حقيقية في الإنتاج، فأغلب المنتجين يرون بأنَّهم نالوا فرصة لتقديم عمل يعود لهم بالأرباح، ولا يرغبون بمغامرة تكسرهم؛ ويحبُّون أن يكونوا في مأمن فيعمدون إلى إشراك كادر عمل من ممثلين كبار ما يؤثر على سينما اليافعين، وهناك صعوبة التواصل معهم فأغلبهم يعرفون كيفية استخدامهم للتقنيات الحديثة المُسبِّبة مشكلة التواصل مع الجيل الصاعد لأنَّه أصبح يعيش في بيئة صعبة في ظل استخدام الهاتف الخليوي، ويعتبرونه بوابة عبور للتواصل مع العالم، ويطلعون على معلومات جمَّة، ويبدؤون بالمقارنة مع أترابهم في الحي يحصلون على مئات المتابعات ويجد الكبار صعوبة في إقناعهم بأنَّهم ليسوا قدوة بأدوات بسيطه تفرض علينا أجندات خارجية مجهولة وفهم الهدف منها، ويتأثر الجيل بها ويشعرنا بالخجل لما يتناوله من أحاديث ويناقشونها ويجعلنا نصاب بالاستغراب، لذا يحتاج لإنجاز مشروع سينمائي إلى مدة زمنية والمتغيرات تحصل كل خمس سنوات،
فتكون الأحداث المطروحة في الفيلم قديمة ما يؤخِّر سينما اليافعين.
ثم انتقل للحديث عن أولويات إخراج النص عندما لجأ إلى اقتحام غمار الكتابة رغم أنَّه ليس كاتباً، لكنَّه آمن بالاحترافية وأدَّى كامل عمليات إنجاز الفيلم، مقدِّماً صفات الكاتب المحترف بأن يكون لديه اطلاع إنتاجي وسينمائي، إضافة إلى إلمامه بالكتابة لكن الأغلبية لديهم قوة أدبية فيما يفتقرون إلى المعرفة الإنتاجية لتنفيذ المشهد ولايحتوي النص على فكر سينمائي وإنتاجي وحبكة مضبوطة كتابياً، تحتوي على سرد طويل ما يضطر المخرج لحذف مقاطع من النص.
– سفير مهرجان الشارقة..
بدوره ربيع جان ذكر أنَّ أول تجربة فعلية وجديَّة له كانت في فيلم “فانية وتتبدد” للمخرج نجدت أنزور، وتوالت الأدوار والفرص له، فشارك بثمانية أفلام قصيرة تتعلق بشكل محوري بالطفل لكنَّها غير موجَّهة له، إضافة إلى مشاركته في مسلسلات وروايات عدة منها أفلام: “الاعتراف”، “دمشق حلب”، ومسلسلات “حارس القدس”، “سوق الحرير” مع المخرج باسل الخطيب و”الزند” مع المخرج سامي برقاوي، ملخِّصاً صعوبات العمل في عدم توفّر المناخ بشكل مثالي بالنسبه للطفل نفسياً واحترافياً، لكنَّ تجربته الأولى مع المخرج نجدت أنزور توفَّر المناخ المناسب له، ورغم أنَّه لم يصل إلى مرحلة الاحترافية لكنَّه استطاع تجاوز كلّ الصعوبات بمساعدة المخرجين والاجتهاد الشخصي بالتدريب في المعاهد الخاصة، بكيفية التعاطي مع العمل من الناحية الاحترافية والأدائية ومتعتها، أمَّا عن اختياره لمهرجان الشارقة فكان بناءً على طلب قدَّمه ليكون من ضمن مُحكّمين واعدين وقبل فيه، إذ خضع لاجتماعات عبر الشابكة لمدة ثلاثة أشهر، ويضمُّ المهرجان فعاليات من كلِّ أنحاء العالم، والدول العربية، واستفاد من المعلومات المقدَّمة عن تاريخ السينما وكيفية التحكيم لأفلام صنعت بطريقة احترافية وبظروف معينة من قبل أطفال وشباب، معتبراً المشاركة فرصة غذَّته بمعلومات ما خلف الكاميرا من إخراج وكتابة وتحكيم ومصدر معرفة مفيد وتجربة ميدانية مضاعفة حين التقى بمخرجين وممثلين عالميين وعرب، وشاهد خلال المهرجان ثمانية أفلام قصيرة، خضعت لعمليه انتقاء جماعية حسب الإقناع، والأفلام ذات مستوى احترافي وتقنية عالية تحمل أفكاراً إبداعية، وأصبح سفيراً للتعريف بالمهرجان تستمر حتى نهاية التعليم الجامعي في سورية.
– عفوية الطفل..
بينما ركَّز شادي جان على ضرورة التدريب مبيِّناً أهميته كونه يختصر مراحل بحيث يصبح أكثر فاعلية خلف الكاميرا ويتلافى مشكلات يمكن وقوعها من دون تدريب سواء أكان من الناحية التقنية أم النفسية. وبعض المخرجين يرغبون بمشاركة أطفال غير مدربين للاستفادة من عفويتهم بعيداً عن التعقيد ولعدم فهمهم للقضايا التقنية أو النفسية، بينما يعاملون الطفل كممثل بدون تقديم لكيفية أداء العمل، موضِّحاً أنَّه شارك شقيقه ربيع في أعمال عديدة منذ عام ٢٠١٥، وكانت مشاركة الطفل في الأعمال لإيصال حالة رمزية، ولخلق مشاهدات كوميدية في أخرى أكثر منطقية بشكل فني مضاعف.