الثورة – علاء الدين محمد:
يعد موليير الكاتب المسرحي الكوميدي متعدد المواهب الفنية، فقد كان شاعراً وممثلاً ومخرجاً مسرحياً، وهو من أشهر المسرحيين الذين كتبوا بالفن المسرحي، ويعد مؤسس الكوميديا الراقية وتمتاز مسرحيته ببراعة تصوير شخصياتها وصناعة المفارقات المضحكة، من هنا جاء اختيار الفنانة رنا جمول لإحدى مسرحياته لتعرضها على الجمهور وفق رؤية آمنت بها.
المشاهد قد اكتفى من الألم ولابد له من الدعابة والضحك، وهذا ما كان لها فقد استطاعت وبكل قوة أن تنتزع الضحكات من شفاه المشاهدين بل إنها استطاعت أن تجعل المسرح في حال ضحك جمعي واحد تنفجر فيه الشفاه بالضحكة في لحظة واحدة مما أعاد لخشبة مسرح الحمراء حيويتها ودفئها.
على هامش هذا العرض الذي أعدته وأخرجته الفنانة رنا جمول وقدمته في صالة الحمراء بدمشق كانت لنا وقفه مع الناقد المسرحي د. طارق العريفي والذي أشار إلى أن تناول مسرحية كهذه في هذا الفارق الزمني هو تحد كبير لأي كاتب معدا كان أم مخرجا يريد أن يقدمه للجمهور ولكنه مناسب من الناحية الهزلية التي تعتمد على الغروتيسك وهي المفارقات واللامعقول وصناعة المواقف والصور المتوزعة بين الألم والبسمة، كما أشار إلى أن أحداثها تجري في الوقت الراهن المعاصر، فحذفت من أحداث مسرحية موليير حدثا سرقه صندوق المال وكذلك مجريات البحث التي قام بها المحقق لاسترداد الصندوق وإعادته إلى البخيل .
إضافة إلى قصة غرق السفينة وتشرد العائلة التي كانت على متنها الأب وابنه وابنته ومن ثم لقائهم ببعضهم وعودتهم أسرة واحدة من خلال سوار كان يضعه كل واحد منهم في معصمه.وأضاف أن تصوير الشخصيات وتجسيدها فنيا على خشبة المسرح ليس بالسهولة فإن تعتصر قلب المشاهد بالألم تلك سهلة وبسيطة، لكن أن تحول الألم والوجع إلى ضحك من خلال موقف أو شخصية هزلية فهذا فيه الكثير من العناء.
وبين العريفي أن هذا العرض يشهد ولادة ممثل محترف يجذب الجمهور إليه بطريقة محببة، فعلى الرغم مما تتصل به الشخصية من بخل وشح فإن العمل على العرض المسرحي من حيث الإعداد والإخراج وكذلك العمل على العرض ما جعل البخيل (خالد زياد مولوي) شخصية محبوبة للجمهور، بل إن غيابها عن خشبة المسرح كان يحدث فراغا وانتظارا لعودته وظهوره على الخشبة، وما قامت به الفنانة (آلاء عفاش) بدور زهرة من حركات اهتزازية هزلية وكوميدية، أضافت إلى شخصيتها المرسومة كاريكتيريا والتي لعبت عليها فنيا بإضافة صدر ممتلئ وأرداف مرتفعة خير دليل على أن الفن المسرحي لا زال في تألقه، وكذلك الفنانة (زينه المصري) التي لعبت دور وصال استطاعت أن تجعل من شخصيتها فتاه لطيفة طالما الجمهور أعجب بأدائها، ولا يقل فاعلية وإتقاناً أداء كل من الفنان علي حميدة في دور وسيم والفنان أحمد الحميدي في دور بسام الذي جسد شخصية ابن البخيل وخادمه وقد كانت المفارقات التي تجري بينهما تسرق الوقت وتسرق النظارة فلا يشعرون أنهم قد أمضوا ساعة ونصف في المشاهدة.
وأضاف العريفي أنه من ناحية السيموغرافيا استطاع العمل أن يؤسس مواد خدمة العرض المسرحي، وفكرته حيث تكدست الصناديق في صالون البخيل وقاموا بتغطية الكنبة الوحيدة بغطاء بلاستيكي حفاظا عليها وترك وسط الخشبة وأمامها فارغا كي تتمكن الشخصيات من الحركة بسهولة على خشبة المسرح، وفي صدر خشبة المسرح نافذة تطل على حديقة دفن فيها الصندوق ولكي يتم تغيير المكان صنعت في زاوية اليمين غرفة صغيرة تبقى مظلمة إلا عند استخدامها تجري فيها أحداث أخرى ،وكذلك الإضاءة التي تخفي الوسط الخلفي للخشبة أتاحت ظهور مكان أخر في المقدمة من جهة أبو زينب، إضافة إلى التلاعب بالأضواء حسب مجريات الأحداث.